للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تاب قبل القدرة؛ فالظاهر أنها توبة إِخلاص، وبعدها الظاهر أنها تقية من إِقامة الحدّ عليه، ولأنّ في قبول قوبته وإسقاط الحد عنه قبل القدرة؛ ترغيباً في توبته والرجوع عن محاربته وإِفساده فناسَب ذلك الإِسقاط عنه وأما بعدها فلا حاجة إِلى ترغيبه لأنه قد عجز عن الفساد والمحاربة".

وجاء في "تفسير ابن كثير": "وأمَّا المحاربون المسلمون فإِذا تابوا قبل القدرة عليهم، فإِنَّه يسقط عنهم انحتام القتل والصلب وقطع الرِجل، وهل يسقط قطع اليد أم لا؟ فيه قولان للعلماء: ظاهر الآية يقتضي سقوط الجميع، وعليه عَمَل الصحابة ... ".

وجاء في "الروضة الندية" (٢/ ٦٢٠): "أقول: الآية ليس فيها إِلا الإِشارة إِلى عفو الله ورحمته لمن تاب قبل القدرة. وليس فيها القطع بحصول المغفرة والرحمة لمن تاب!! ولو سُلِّم القطع فذلك في الذنوب التي أمْرها إِلى الله فيسقط بالتَّوبة الخطاب الأخروي والحد الذي شرعه الله.

وأمَّا الحقوق التي للآدميِّين من دم أو مال أو عرض؛ فليس في الآية ما يدل على سقوطها. ومن زعم أنَّ ثم دليلاً يدل على السقوط فما الدليل على هذا الزَّعم؟! ". انتهى.

أقول: إذا كان الشهيد يُغفر له كل شيء إِلا الدَّين، فكيف يُغفرَ للمحارب ما سَلَبَ من أموال وانْتهك مِن حُرُمات، فحقوق الآدميِّين معتبرة، وليس في الآية ما يدلّ على سقوطها.

ولكن توبة المحارب؛ تعني أنَّه اختار الدار الآخرة، ورضي أن يمضي فيه حُكْم الله -تعالى- ورأى أنَّ هذا خيرٌ له من المُضِيّ في الإفساد وعدم التوبة،

<<  <  ج: ص:  >  >>