الأرض مسجداً وطَهوراً؛ فأيّما رجل من أمّتي أدركتْهُ الصلاة فليصلِّ"، وفي رواية: "فعنده مسجده وطَهوره". فهذا يُبيِّن أنّ المسلم في أيّ موضع كان عنده مسجده وطهوره.
ومعلوم أنَّ كثيراً من الأرض ليس فيها تراب حرث، فإِن لم يجُز التيمُّم بالرّمل؛ كان مخالفاً لهذا الحديث، وهذه حجة من جوَّز التيمُّم بالرمل دون غيره، أو قرن بذلك السّبخة؛ فإِنَّ من الأرض ما يكون سبخة، واختلاف التُّراب بذلك كاختلافه بالألوان؛ بدليل قول النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"إِنَّ الله خلق آدم من قبضة قبَضَها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض؛ جاء منهم الأحمر والأبيض والأسود، وبين ذلك، والسّهل والحزَن، والخبيث والطيب" (١).
وآدم إِنّما خُلق من تراب، والتُّراب الطيب والخبيث، الذي يخرج بإِذن ربّه، والذي خبُث لا يخرج إلاَّ نكدا، لا يجوز التيمُّم به فعُلم أنَّ المراد بالطيِّب الطاهر، وهذا بخلاف الأحجار والأشجار؛ فإِنها ليست من جنس التراب، ولا تعلق باليد، بخلاف الزرنيخ والنورة، فإِنها معادن في الأرض، لكنها لا تنطبع كما ينطبع الذهب والفضة والرصاص والنحاس". اهـ.
قال ابن القيم -رحمه الله- في "زاد المعاد"(١/ ٢٠٠) في هديه في التيمُّم: "وكذلك كان يتيمّم بالأرض التي يصلَّي عليها؛ تراباً كانت أو سبخة أو رملاً، وصحَّ عنه أنه قال: "حيثما أدْركَتْ رجلاً من أمتي الصلاة فعنده
(١) أخرجه ابن سعد في "الطبقات"، وأحمد، وأبو داود، والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وغيرهم كما في "الصحيحة" (١٦٣٠) والنص الذي ذكره شيخ الاِسلام -رحمه الله- نحوه.