للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومحمّد يوافقه، لكن بشرط أن يكون مُغبراً؛ لقوله: (منه) (١).

وقيل: يجوز بالأرض، وبما اتّصل بها حتى بالشَّجر، كما يجوز عنده وعند أبي حنيفة بالحجر والمدر (٢)، وهو قول مالك، ...

وقيل: لا يجوز إلاَّ بتراب طاهر، له غبار يعلق باليد، وهو قول أبي يوسف والشافعي وأحمد في الرواية الأخرى.

واحتج هؤلاء بقوله: {فامسحوا بوجوهكم وأيدِيكم منه}، وهذا لا يكون إلاَّ فيما يعلق بالوجه واليد، والصَّخر لا يعلق لا بالوجه ولا باليد، واحتجُّوا بقول النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "جُعلت لي الأرض مسجداً، وجُعلت تربتها طَهوراً". قالوا: فعمَّ الأرض بحُكم المسجد، وخصّ تربتها -وهو ترابها- بحُكم الطهارة.

واحتجّ الأولون بقوله تعالى: {صعيداً}، قالوا: والصَّعيد هو الصَّاعد على وجه الأرضِ، وهذا يعمُّ كلَّ صاعد؛ بدليل قوله تعالى: {وإِنَّما لجاعِلُون ما عليها صعِيداَ جُرُزاً} (٣)، وقوله: {فَتُصبحَ صعيداً زلقاً} (٤).

واحتجّ من لم يخصّ الحكم بالتراب بأنَّ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "جُعلت لي


(١) قال شيخنا -حفظه الله-: " ... وهذه الآية ينبغي أن تُفهم من خلال السُّنَّة كما قال تعالى: {وأَنْزَلْنا إِليك الذِّكرَ لِتُبيِّنَ للنَّاسِ ما نزَلَ إِليهم} النحل: ٤٤، فالدّم حرام في كتاب الله وكذلك الميتة، وبيّن النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما لم يحرم من ذلك، فلا بدَّ من ضمّ السُّنّة للقرآن؛ لتكون النتيجة صحيحة وكاملة".
(٢) أي: الطين المتماسك. "النهاية".
(٣) الكهف: ٨
(٤) الكهف: ٤٠

<<  <  ج: ص:  >  >>