وجاء فيه (ص ١٦١): "وسئل -رحمه الله- عن امرأة حامل تعمّدت إِسقاط الجنين إِمّا بضربٍ، وإِما بشرب دواء؛ فما يجب عليها؟
فأجاب: يجب عليها بسُنّة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - واتفاق الأئمّة؛ غرّة عبد أو أَمَة، تكون هذه الغرة لورثة الجنين؛ غير أمّه، فإنْ كان له أب كانت الغرة لأبيه، فإنْ أحب أن يسقط عن المرأة فله ذلك، وتكون قيمة الغرة عشر ديَة، أو خمسين ديناراً وعليها أيضاً عند أكثر العلماء عتْق رقبة، فإِن لم تجِدْ؛ صامت شهرين متتابعين، فإِن لم تستطِع؛ أطعمت ستين مسكيناً" (١).
وجاء في "الروضة النديّة"(٢/ ٦٦٨): "وأمّا إِذا خرج الجنين حيّاً، ثم مات مِن الجناية؛ ففيه الدِّيَة أو القَوَد".
قلت: وهذا القَوَد إِذا كان عمداً.
وقد اختلف العلماء في وجوب القِصاص في القتل بالمثقل.
قال الحافظ في "الفتح": "عقب الحديث المتقدّم: "واستدل به على عدم وجوب القِصاص في القتل بالمثقل؛ لأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يأمر فيه بالقَوَد وإِنما أمر بالدية.
وأجاب من قال به بأن عمود الفسطاط يختلف بالكبر والصغر؛ بحيث يقتل بعضه غالباً ولا يقتل بعضه غالباً، وطرد المماثلة في القصاص إِنما يشرع فيما إِذا وقعت الجناية بما يقتل غالباً.
(١) وبناء على قوله -رحمه الله- (عشر دية) أقول: إِذا كانت الخمسون ديناراً عشر دية؛ فالدية كاملة خمسمائة دينار من ذهب. وقد سبق أن الدية ألف دينار من ذهب، وفي حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- بلغت على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما بين أربعمائة دينار إِلى ثمانمائة دينار، وذكر بعض الفقهاء أنها نصف عشر الدية والأول أرجح. والله -تعالى- أعلم.