للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي هذا الجواب نظر، فإن الذي يظهر أنه إنما لم يوجب فيه القَوَد؛ لأنها لم يقصد مثلها، وشرط القَوَد العمد، وهذا إنما هو شبه العمد، فلا حُجّة فيه لقتلٍ بالمثقل ولا عكسه" (١).

وجاء في "السيل الجرار" (٤/ ٤١٤): " ... وأمّا إذا كانت الآلة مثلها يقتل في العادة، وإن لم يكن من المحدّد؛ فإن القصاص فيها واجب، كما تقدم في رضّ رأس اليهودي الذي رضّ رأس الجارية، وكما أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث حمل بن مالك قال: "كنت بين امرأتين فضربت إحداهما الأخرى بمسطح فَقَتلتها وجنينها، فقضى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في جنينها بغُرّة، وأن تُقتل بها" (٢).

وقد ذهب إلى وجوب القصاص في مثل هذا الجمهور -وهو الحقّ- وأدلة الكتاب والسنة المثبتة للقصاص تشمله، وليس بيد من قال إنه لا قصاص في القتل بغير المحدّد مطلقاً دليل تقوم به الحجة، ولا حجة فيما ورد من طريق الكذّابين والوضّاعين.

وقد بيّن لنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الخطأ الذي هو شبه العمد بياناً شافياً، فلنقتصر عليه، ونردّ ما عداه إلى ما شرعه الله لعباده من القصاص في العمد العدوان".


(١) "الفتح" (١٢/ ٢٥٠).
(٢) أخرجه ابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه" (٢١٣٦) من حديث عمر بن الخطاب، أنه نشد الناس قضاء النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ذلك -يعني في الجنين- فقام حمل بن مالك بن النابعة فقال: "كنت بين امرأتين لي، فضربت إحداهما الأخرى بمسطح فقتلتها وقتلت جنينها، فقضى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الجنين بغرة عبد، وأن تقتل بها". أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود" (٣٨٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>