للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٣ - وتعليل النهي عن العدوان، بأنّ الله لا يُحب المعتدين، دليل على أنَّ هذا النهي محُكم غير قابل للنسخ، لأنّ هذا إخبار بعدم محبة الله للاعتداء، والإخبار لا يدخله النسخ؛ لأنَّ الاعتداء هو الظلم، والله لا يحبُّ الظلم أبداً.

٤ - أنّ لهذه الحرب المشروعة غاية تنتهي إليها، وهي منع فتنةِ المؤمنين والمؤمنات، بترك إيذائهم، وترك حريّاتهم؛ ليمارسوا عبادة الله ويقيموا دينه، وهم آمِنون على أنفسهم مِن كلّ عدوان.

ويقول الله -سبحانه-: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا} (١).

وقد بيَّنَت هذه الآية سببين مِن أسباب القتال:

(أولهما) القتالُ في سبيل الله، وهو الغاية التي يسعى إليها الدين، حتى لا تكونَ فتنة، ويكون الدين لله.

(وثانيهما) القتال لنُصرة المستضعفين، الذين أسلموا بمكة، ولم يستطيعوا الهجرة، فعذَّبَتْهم قريش، وفَتَنَتْهم حتى طلبوا من الله الخلاص، فهؤلاء لا غِنى لهم عن الحماية التي تَدفعُ عنهم أذى الظالمين، وتمُكّنهم مِن الحرية، فيما يدينون ويعتقدون.

ويقول الله -سبحانه-: {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا


(١) النساء: ٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>