بصفوان بن أُميّة قبل إسلامه، فأخذ طائفة من العلماء بالحديث الأول على إطلاقه، وقال الشافعي وآخرون: إنْ كان الكافر حَسَن الرأي في المسلمين ودعت الحاجة إلى الاستعانة به؛ استُعين به وإلاّ فيُكره، وحَمْل الحديثين على هاذين الحالين". والله -تعالى- أعلم.
وجاء في نيل الأوطار (٨/ ٤٥) بعد عَرْض الأدلة ومناقشة الفريقَين: "والحاصل أنّ الظاهر من الأدلّة عدم جواز الاستعانة بمن كان مشركاً مُطلقاً؛ لما في قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "إنا لا نستعين بمشرك" من العموم ... ". انتهى.
قلتُ: ولا أرى معارضة بين هذا وما تقدّم؛ مما جاء في كلام النّووي ونقولاته، وكذا مما قاله صاحب "الروضة" -رحمهما الله- إذْ أصل الحُكم عدم جواز الاستعانة، وتبقى الضرورة مسألة أخرى لا يمكن إغفالها، والنصوص فيها معلومة معروفة، ولكن ينحصر الخلاف ومدار البحث والنظر؛ في تحقيق مناط الحُكم، إذْ هو مرتبط بتنقيح مناطه (١).
وأقول: لو أنّ المسلمين عملوا ما أوجب الله -تعالى- عليهم من أسبابٍ لاستجلاب النصر؛ مِنْ إعدادٍ عَقَديّ ومنهجي وروحي ومادي وعسكري ... ، وتآلفوا فيما بينهم، وتعاونوا على البرِّ والتقوى؛ لما احتاجوا إلى الاستعانة.
ثمّ اطلعت على ما جاء في كتاب "الإنجاد في أبواب الجهاد" (ص ١٥٨): فقد قال مصنّفه -رحمه الله-: "واختلَف أهل العِلم في ذلك: فالجمهور على كراهة الاستعانة بهم في شيءٍ من الغزو، -وهو الصحيح-، لما دلّ عليه القرآن