للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحضرت الصلاة وليس معهما ماء، فتيمّما صعيداً طيباً فصلَّيا، ثمَّ وجد الماء في الوقت، فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء، ولم يُعِد الآخر، ثمَّ أتيا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فذكرا ذلك له فقال للذي لم يُعد: "أصبْت السنّة وأجزأَتْك صلاتك"، وقال للذي توضّأ وأعاد: "لك الأجر مرتين" (١).

وهذا يُرجِّح عدم الإِعادة لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لمن لم يُعِد، "أصبْتَ السنّة وأجزأتك صلاتك"، وهذا يُفهم أن الثاني قد أخطأ السنّة، وأما أجر المرتين؛ فعلى الصلاة وإِعادتها بالاجتهاد، والله أعلم.

وبعد أن عرفْنا السُّنّة الصحيحة في هذا الأمر؛ فلا يجوز لنا أن نُخالف عنها. وفي الحديث: "لا تُصلّوا صلاة في يوم مرتين" (٢).

قال في "نيل الأوطار" (١/ ٣٢٥) -تعليقاً على حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه-: استدل بهذا الحديث الثوري ومالك وأبو حنيفة وابن المنذر، على أنَّ مَن تيمّم لشدة البرد وصلّى لا تجب عليه الإِعادة، لأنَّ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يأمره بالإِعادة، ولو كانت واجبة لأمره بها، ولأنَّه أتى بما أُمر به وقدر عليه، فأشبه سائر من يصلّي بالتيمّم ... ".

وعن عمران قال: "كنّا في سفَر مع النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وإِنَّا أسرينا حتى كُنّا في آخر الليل؛ وقعنا وقعة ولا وقعةَ أحلى عند المسافر منها، فما أيقَظَنا إلاَّ حرّ الشمس، فذكر بعض الحديث وقال: ونودي بالصلاة فصلّى بالناس، فلما


(١) أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود" (٣٢٧)، وابن السكن وغيرهما، وانظر "المشكاة" (٥٣٣).
(٢) أخرجه أحمد، وغيره وإسناده حسن كما قال شيخنا في "المشكاة" (١١٥٧)، وصححه النووي وابن السكن، وهو في "صحيح سنن أبي داود" (٥٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>