للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انفتل من صلاته؛ إِذا هو برجل معتزلٍ، لم يصلِّ مع القوم قال: ما منعك يا فلان أن تصلّي مع القوم؟ قال: أصابتني جنابة ولا ماء، قال: عليك بالصعيد، فإِنَّه يكفيك.

ثمَّ سار النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاشتكى إِليه الناس من العطش، فنزل فدعا فلاناً كان يُسمِّيه أبو رجاء -نسيهُ عَوْفٌ- ودعا عليّاً فقال: اذهبا فابتغيا الماء بين مزادتين (١) أو سطيحتين من ماء على بعير لها، فقالا لها: أين الماء؟ قالت: عهدي بالماء أمس هذه الساعة ونفرْنا خُلُوفاً (٢)، قالا لها: انطلقي إِذاً، قالت: إِلى أين؟ قالا: إِلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قالت: الذي يُقال له الصَّابيُّ.

قالا: هو الذي تعنين، فانطلقي فجاءا بها إِلى النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وحدَّثاه الحديث قال: فاستنزلوها عن بعيرها ودعا النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بإِناء ففُرّغ فيه من أفواه المزادتين أو سطيحتين، وأوكأ أفواههما، وأطلق العزاليَ (٣)، ونودي في الناس اسقوا واستقوا، فسقى مَن شاء واستقى مَن شاء، وكان آخر ذاك أن أعطي الذي أصابته الجنابة إِناء من ماء، قال: اذهب فأفرِغه عليك" (٤).


(١) المزادة: بفتح الميم: قربة كبيرة يزاد فيها جلد من غيرها، وتسمّى أيضاً السطيحة، وجاء في "النهاية": السطيحة من المزاد: ما كان من جلدين قوبل أحدهما بالآخر، فسُطح عليه وتكون صغيرة وكبيرة، وهي من أواني المياه.
(٢) " ... أي أنَّ رجالها تخلفوا لطلب الماء ... قال ابن فارس: الخالف: المستقي، ويقال أيضاً لمن أناب، ولعلّه المراد هنا، أي أنَّ رجالهما غابوا عن الحيّ". "فتح".
(٣) جمع العزلاء، وهو فم المزادة الأسفل. "النهاية".
(٤) أخرجه البخاري مطولاً: ٣٤٤، وابن خزيمة مختصراً: ٢٧١

<<  <  ج: ص:  >  >>