للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شاء الله- أن يكون كلّ شيءٍ مما يُنْكَى به العدوّ سائغاً، سواءٌ أُمِن أن يصيب الأسرى مِن ذلك شيءٌ أوْ لا، إلاَّ أنّهم لا يُتَعَمَّدون، ويُتحفَّظ عنهم بقَدْر الوُسع، وذلك أنَّ في الكفِّ عن القتال، وتَرْك الدِّفاع في مِثل هؤلاء الذين بَرزوا للمسلمين هلاكاً للناس، وتمكيناً لأهل الكُفر مِن الإسلام {وَلَن يجعَلَ اَللهُ لِلكافِرينَ عَلَى المؤمِنِينَ سَبِيلاً} (١).

وهذا كلّه ما لم يتترس الكُفّار بالمسلمين، فإنْ تترسوا بهم، بحيث لا يُمكِن قتالُهم إلاَّ مِن وراء قَتْل مسلم، فالأرجح الذي نختاره؛ الكفُّ جُملةً، والقتال لا نراه على حالٍ مِنْ غير تفصيلٍ في قِتال الحصون أو الجيوش؛ لأنّ ذلك إنْ لم تكن ضرورة، فلا خفاءَ به، وإنْ كانت ضرورة بحيث يُبْقي المسلمون على أنفسهم في الكفِّ عن القتال؛ فذلك أيضاً موجودٌ إذا قاتَلوا بقَتْلهم المسلمين الذين تترَّس بهم العدوّ؛ من غير حقٍّ وجب عليهم مُبيحٍ لدمائهم، وليس لأحدٍ أن يَقْتُل مسلماً بريئاً؛ لينجو بذلك مِن القتل ... ". انتهى.

قلت: والراجح عندي: أنَّ الأمر يدور حول ترجيح المصالح، واختيارِ أقلِّ الضرَرين وأخفّ الشرَّين؛ مع التحرُّجِ من قَتْل أُسارى المسلمين، ونساء وذراريِّ المشركين؛ تقصُّداً وتعمُّداً.

ونلاحظ أنّ ترجيح المصنِّف؛ كان يدور حول المعنى المتقدِّم، وسوَّغ إصابة النّساء والذّّرّية من المشركين؛ إن لم يكن بُدٌّ مِن ذلك لضرورة الاقتحام، وقد يكون القتال ليلاً، لا يُميَّز فيه الرجل من المرأة، ولا الصبيُّ من الرجل؛ كما ذكَر بعض العلماء. وذكروا قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا حِمى إلاَّ لله ولرسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -".


(١) النساء: ١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>