للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولهذا أيضاً لمّا قَدِم رسولُ مسيلمةَ الكذّاب على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال له: "أتشهدُ أنَّ مسيلمة رسول الله؟ قال: نعم، فقال رسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لولا أن الرسلَ لا تُقتَل لضَربْتُ عُنُقَك" (١). وقد قيّض الله له ضَرْب العُنُق في إمارة ابن مسعود على الكوفة، وكان يقال له: ابن النواحة، ظَهَر عنه في زمانِ ابن مسعودٍ أنّه يشهد لمسيلمةَ بالرسالة، فأرسَل إليه ابن مسعودٍ فقال له: إنك الآن لستَ في رسالة، وأمَرَ به فضُرِبت عنقُه، لا رَحِمَه الله ولَعَنه (٢).

والغرض أنّ مَن قَدِمَ من دار الحرب إلى دار الإسلام، في أداء رسالة أو تجارة، أو طَلَبِ صُلحٍ أو مهادنة أو حَمْلِ جِزية، أو نحو ذلك من الأسباب، فطلَب من الإمام أو نائبه أمانًا -أُعطي أماناً ما دام مُتردّدًا في دار الإسلام، وحتى يرجع


= - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - محمداً، والله إنْ يتنخم نخامة إلاَّ وقَعَت في كفِّ رجلٍ منهم؛ فدلَك بها وجهه وجِلْده وإذا أمَرهم ابتدروا أمْرَه وإذا توضَّأ كادوا يقتتلون على وَضوئه، وإذا تكلَّم خَفَضوا أصواتَهم عنده، وما يُحدّون إليه النظر تعظيماً له، وإنه قد عَرَض عليكم خُطَةَ رُشْدِ فاقبلوها" أخرجه أحمد، والبخاري (٢٧٣١، ٢٧٣٢).
يرمُق: اْي يَلحظ، قال الحافظ -رحمه الله-: وذكَر الثلاثة [قيصر، وكسرى، والنّجاشي] لكونهم أعظمَ ذلك الزَّمان.
(١) أخرجه أحمد وأبو داود "صحيح سنن أبي داود" (٢٣٩٩) وغيرهما.
(٢) عن حارثةَ بنِ مُضرب أنّه أتى عبد الله فقال: "ما بيني وبين أحدٍ من العرب حِنَةٌ وإني مرَرْتُ بمسجدٍ لبني حنيفة، فإذا هم يؤمنون بمسيلمة، فأرسل إليهم عبد الله، فجيء بهم فاستتابَهم، غير ابن النواحة قال له: سمعْت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: لولا أنك رسولٌ لضربتُ عنقَك. فأنت اليوم لست برسول، فأمَر قَرظَة بن كعب، فضَرَب عُنُقَه في السوق، ثمّ قال: مَن أراد أن ينظر إلى ابن النواحة قتيلاً بالسوق". أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود" (٢٤٠٠) وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>