للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس مِن البغي إظهارُ كونِ الإمام سلَك في اجتهاده في مسألة، أو مسائل؛ طريقَ مخالفةٍ لا يقتضيه الدليل؛ فإنّه ما زال المجتهدون هكذا، ولكنه ينبغي لمن ظهَر له غلط الإمام أن يُناصحه، ولا يُظهر الشناعة عليه على رؤوس الأشهاد؛ بل كما ورَد في الحديث: "أنّه يأخذ بيده، ويخلو به، ويَبذُل له النصيحة، ولا يُذِلّ سلطان الله (١) " (٢).

ولا يجوز الخروج على الأئمّة -وإن بلَغُوا في الظلم أيَّ مبلغ- ما أقاموا الصلاة، ولم يَظهر منهم الكفر البَوَاح، والأحاديث الواردة بهذا المعنى متواترة، ولكن على المأموم أن يطيع الإمام في طاعة الله، ويعصيَه في معصية الله؛ فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق (٣).


(١) وقد ثبت في السنّة التعبير بسلطان الله، فعن زياد بن كُسيبٍ العدوي قال: "كنت مع أبي بكرة تحت منبر ابن عامر وهو يخطُب، وعليه ثياب رِقاق فقال أبو بلال: انظروا إلى أميرنا يلبس ثياب الفُسّاق، فقال أبو بكرة: اسكت، سَمعْتُ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: مَن أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله". أخرجه الترمذي، "صحيح سنن الترمذي" (١٨١٢)، وانظر "الصحيحة" (٢٢٩٦).
(٢) وفي هامش "التعليقات الرضية" (٣/ ٥٠٤) إشارة إلى كتاب "السُّنَّة" (١٠٩٦) لابن أبي عاصم.
قلت: ولا بد مِن ذِكْر هذا الحديث لتحقيق الفائدة، فقد ساق المصنف -رحمه الله- بإسناده إلى شريح بن عبيد قال: قال عياض بن غُنم لهشام بن حكيم: ألم تسمع بقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "مَن أراد أن ينصح لذي سلطان، فلا يُبدِه علانية، ولكن يأخذ بيده فيخلو به، فإنْا قَبِل منه فذاك، وإلا كان قد أدّى الذي عليه" وصححه شيخنا -رحمه الله- بمجموع طُرُقه، وانظر تفصيل تخريجه في الكتاب المذكور.
(٣) انظر "الروضة الندية" (٣/ ٧٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>