للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمّد -رحمه الله-: وإنما قَتَل عمّاراً -رضي الله عنه- أصحابُ معاوية -رضي الله عنه- وكانوا متأولين تأويلهم فيه، وإنْ أخطئوا الحقَّ مأجورون أجراً واحداً لقصْدِهم الخير.

ويكون مِن المتأولين قومٌ لا يُعذَرون ولا أجر لهم؛ كما روينا من طريق البخاري [ثم ساق بإسناده إلى عليّ -رضي الله عنه- أنّه قال]: سمعْتُ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "سيخرُج قومٌ في آخر الزمان أحداث الأسنان سفهاء الأحلام (١) يقولون من قول خير البرية (٢)، لا يُجاوزُ إيمانُهم حناجرَهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرَّمِيَّة (٣)، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإنّ في قتلهم أجراً لمن قَتَلهم يوم القيامة" (٤) وروينا من طريق مسلم [ثم ساق بإسناده إلى] أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذكَر قوماً يكونون في أمّته يخرجون في فِرقةٍ من النّاس سيماهم (٥) التحالق هم شرّ الخلق -أو من شرّ الخلق-، تَقْتُلهم أدنى الطائفتين إلى الحق" (٦). وذكَر الحديث.

قال أبو محمّد -رحمه الله-: "ففي هذا الحديث نصٌّ جليٌّ بما قلنا وهو أنّ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذكر هؤلاء القوم؛ فذمّهم أشدَّ الذم وأنهم مِن شر الخلق، وأنهم يخرجون


(١) أحداث الأسنان سفهاء الأحلام: معناه صغار الأسنان، صغار العقول، "شرح النّووي".
(٢) معناه في ظاهر الأمر؛ بقولهم: لا حُكم إلاَّ لله، ونظائره من دعائهم إلى كتاب الله -تعالى- والله أعلم، "شرح النّووي".
(٣) الرَّمِيَّة: الصيد الذي ترميه؛ فتقصده، وينفُذُ فيه سهمك، "النّهاية".
(٤) أخرجه البخاري: ٣٦١١، ومسلم: ١٠٦٦ وهذا لفظه.
(٥) السيما: العلامة.
(٦) أخرجه مسلم: ١٠٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>