في فرقة مِن النّاس، فصحّ أنّ أولئك أيضاً مفترقون، وأنّ الطائفة المذمومة تقتلها أدنى الطائفتَين المفترِقَتَين إلى الحقّ، فجعَل -عليه السلام- في الافتراق تفاضلاً، وجعَل إحدى الطائفتين المفترقتين لها دنواً من الحقِّ -وإنْ كانت الأخرى أولى به- ولم يجعل للثالثة شيئاً من الدنو إلى الحقّ.
فصحّ أنّ التأويل يختلف، فأيّ طائفةٍ تأوَّلَت في بُغيتها طمساً لشيء من السّنة كمن قام برأي الخوارج ليُخرِجَ الأمر عن قريش، أو ليُردَّ النّاس إلى القول بإبطال الرجم، أو تكفيرِ أهل الذنوب، أو استقراضِ المسلمين، أو قتلِ الأطفال والنساء وإظهار القول بإبطال القدر، أو إبطال الرؤية، أو إلى أن الله تعالى لا يعلم شيئاً إلاّ حتى يكون، أو إلى البراءة عن بعض الصحابة أو إبطال الشفاعة، أو إلى إبطال العمل بالسنن الثابتة عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ودعا إلى الردّ إلى مَن دون رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَو إلى المنع مِن الزكاة، أو مِن أداء حقّ مِن مسلم أو حقٍّ لله -تعالى- فهؤلاء لا يُعذَرون بالتأويل الفاسد؛ لأنها جهالةٌ تامةٌ.
وأمّا مَن دعا إلى تأويل لا يُحِلّ به سُنّة، لكن مِثل تأويل معاوية في أن يقتص مِن قَتَلَة عثمان قبل البيعة لعليّ، فهذا يُعذَر؛ لأنه ليس فيه إحالة شيء مِن الدِّين، وإنّما هو خطأ خاصٌّ في قصّة بعينها لا تتعدّى.
ومَن قام لعرض دنيا فقط؛ كما فَعَل يزيد بن معاوية، ومروان بن الحكم، وعبد الملك بن مروان في القيام على ابن الزبير، وكما فعَل مروان بن محمّد في القيام على يزيد بن الوليد، وكمن قام أيضاً على مروان، فهؤلاء لا يُعذَرون لأنهم لا تأويل لهم أصلاً وهو بغي مجرد.
وأما مَن دعا إلى أمر بمعروف أو نهي عن منكر وإظهار القرآن والسنن