للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فبايعناه، فقال فيما أخذَ علينا؛ أن بايَعَنا على السمع والطاعة، في مَنْشَطنا (١) ومَكْرَهنا (٢) وعُسرنا ويُسرنا، وأثَرَةٍ (٣) علينا، وأن لا نُنازع الأمرَ أهلَه (٤) إلاَّ أن تروا كُفراً بَواحاً (٥)؛ عندكم من الله فيه بُرهان (٦) " (٧).

وعن عبد الرحمن بن عبد ربِّ الكعبة، قال: "دخلتُ المسجد، فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص جالسٌ في ظِلِّ الكعبة، والناس مجتمِعون عليه، فأتيتُهم


(١) مَنشطنا: أي في حالة نشاطنا.
(٢) مَكرهنا: في الحالة التي نكون فيها عاجزين عن العمل بما نُؤمَر به.
(٣) الأثَرَة -بفتح الهمزة والثاء-: الاسمُ من آثَر يُؤثرُ إيثَاراً: إذا أعْطى، أراد أنَّه يُستأثر عليكم، فيُفضَّل غيرُكم في نَصيبه مِنَ الفَيْء. والاسْتِئْثَار: الانْفِرَادُ بالشيء. "النّهاية". وقال الحافظ -رحمه الله-: "والمُراد أنّ طواعيتهم لمن يتولّى عليهم؛ لا تتوقف على إيصالهم حقوقَهم بل عليهم الطاعة ولو منعهم حقّهم".
(٤) وأن لا ننازع الأمر أهله: أي الملك والحكم.
(٥) بَواحاً: ظاهراً بيّناً.
(٦) عندكم من الله فيه برهان: [قال الحافظ -رحمه الله- في "الفتح" (١٣/ ٨): "أي: نصُّ آيةٍ أو خبرٌ صحيح لا يَحْتَمل التأويل، ومُقتضاه أنّه لا يجوز الخروج عليهم ما دام فِعْلهم يَحتمل التأويل، قال النّووي: المراد بالكفر هنا المعصية، ومعنى الحديث: "لا تُنازِعوا ولاة الأمور في ولايتهم ولا تَعترِضوا عليهم إلاّ أن تروا منهم مُنكَراً محُقَّقاً تعلمونه مِن قواعد الإسلام؛ فإذا رأيتم ذلك فأنكِروا عليهم وقولوا بالحقّ حيثما كنتم انتهى. وقال غيره: المراد بالإثم هنا المعصية والكفر، فلا يُعتَرض على السلطان إلاَّ إذا وَقَع في الكفر الظاهر، والذي يظهر حَمْلُ روايةِ الكُفر على ما إذا كانت المنازعة في الولاية؛ فلا ينازِعه بما يقدَح في الولاية إلاَّ إذا ارتكَب الكُفر، وحَمْل رواية المعصية على ما إذا كانت المنازعة فيما عدا الولاية، فإذا لم يُقدَح في الولاية؛ نازَعه في المعصية بأن يُنكِر عليه برفقٍ ويتوصل إلى تثبيت الحق له بغير عُنف، ومحلّ ذلك إذا كان قادراً، والله أعلم".]
(٧) أخرجه البخاري: ٧٠٥٦، ومسلم: ١٧٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>