للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أبي ذرٍّ -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ما من فرسٍ عربيّ؛ إلاَّ يُؤذَن له عند كل سَحَر، بكلمات يدعو بهنّ: اللهم خوّلتني (١) مِن بني آدم، وجعلتني له، فاجعلني أحبَّ أهلهِ ومالِه، أو مِن أحبِّ أهلهِ ومالِه إليه" (٢).

هذا ولا بد من الإفادة مِن أهل العسكرية، وما يَتْبَع ذلك مِن تقنيات في ضوء الاستطاعة والقُدرة، مِن غير تقصير، ولكن ينبغي للمسلمين أن لا تضعُف هممهم ولا تفتر عزائمهم؛ إذا رأوا أَنهم أقلّ مِن الأعداء؛ عدداً أو عُدّةً أو سلاحاً، فهذا الحال الذي كان عليه النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه -رضي الله عنهم-، وعليهم استكمال الأسباب المطلوبة الأخرى؛ مع عدم الإعجاب بالقوّة أو الكثرة.

قال الله -تعالى-: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ * ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٣). قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: "يذكُر -تعالى- للمؤمنين فضْله عليهم وإحسانَه لديهم في نَصْرِه إياهم في مواطنَ كثيرةٍ مِن غزواتهم مع رسوله، وأنّ ذلك من عنده -تعالى-، وبتأييده وتقديره، لا بعَدَدِهم ولا بعُدَدِهم ونبَّهَهم على أنّ النصر مِنْ عِنْده، سواء قلَّ الجمع أو كثُر، فإنّ يوم حُنين أعجَبَتْهم كثرتُهم، ومع هذا ما أجدى ذَلك عنهم شيئاً فولَّوْا مُدبرين إلاَّ


(١) التخوُّل: التمليك والتّعهُد.
(٢) أخرجه النسائي وصححه -شيخنا رحمه الله- في "صحيح الترغيب والترهيب" (١٢٥١) وتقدّم.
(٣) التوبة: ٢٥ - ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>