للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القليلَ منهم مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ثمّ أنزَل الله نصرَه وتأييده على رسوله وعلى المؤمنين الذين معه ... ، ليُعلِمهم أنّ النصر مِن عنده -تعالى- وحده وبإمداده - وإنْ قلّ الجمع-، فكم مِن فئةٍ قليلةٍ غلبَت فئةً كثيرةً بإذن الله، والله مع الصابرين".

عن صهيبٍ -رضي الله عنه- قال: "كان إذا صلّى (١) هَمس، فقال: أفطنتم لذلك؟ إني ذكَرْت نبيّاً من الأنبياء؛ أعطِيَ جنوداً مِن قومه، فقال: من يكافئ هؤلاء أو مَن يُقاتل هؤلاء؟ أو كلمةً شبهها، فأوحى الله إليه أنِ اختر لقومك إحدى ثلاث: أن أسَلِّط عليهم عدوَّهم أو الجوع أو الموت.

فاستشار قومه في ذلك؟ فقالوا: نَكِلُ ذلك إليك أنت نبيّ الله، فقام فصلّى وكانوا إذا فَزِعوا، فزعوا إلى الصلاة، فقال: يا رَبّ أمّا الجوع أو العدوّ فلا، ولكن الموتَ، فسلّط عليهم الموت ثلاثة أيام، فمات منهم سبعون ألفاً، فهَمْسِي الذي تَرون أنّي أقول: اللهمّ بك أقاتل وبك أصاول (٢) ولا حولَ ولا قوّةَ إلاّ بك" (٣).

وكأنّ الله -تعالى- قضى أنْ يتفوَّق الكُفَّار في العدد، والعُدّة، والتقدم العلميّ؛ لتظهَر معجزة أهل الإيمان، مع الإعداد الممكن، كما في قوله -تعالى-: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} (٤).


(١) أي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(٢) أصاول: أسطو وأقهر، والصولة: الحملة والوثبة. "النّهاية".
(٣) أخرجه ابن حبان في "التعليقات الحسان" (٤٧٣٨)، وابن نصر في "الصلاة" وغيرهما، وانظر "الصحيحة" (١٠٦١)، وفي بعض الطرق أنّ الصلاة هي صلاة الفجر، وأنّ الهمس كان بعدها، وفي أيام حنين كما في "المسند" وانظر المصدر المذكور.
(٤) الأنفال: ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>