للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليكم؛ في كتابه إليكم؛ من الألفة والاجتماع على كلمة الحقِّ، والتَّسليم لأمر الله".

قال ابن كثير -رحمه الله-: "أمَرَهُم بالجماعة ونهاهم عن التفرقة، وقد وردت الأحاديثُ المتعددة بالنهي عن التفرق، والأمر بالاجتماع والائتلاف، كما في "صحيح مسلم" (١) من حديث سُهَيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة؛ أنّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "إنَّ اللهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلاثًا، وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلاثًا، يَرْضى لَكُمْ: أنْ تَعْبدُوهُ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وأنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا، وأنْ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلاّهُ اللهُ أمْرَكُمْ؛ وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلاثًا: قيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وإِضَاعَةَ المالِ" (٢)

وهكذا يعمل الإسلام على تحقيق هذه الروابط، حتى يبنيَ مجُتمَعاً متماسِكاً، وكياناً قوياً، يستطيع مواجهةَ الأحداث، وردَّ عدوان المعتدين، وما أحوجَ المسلمين في هذه الآونة إلى هذا التجمّع.

إنهم بذلك يقيمون فريضةً إسلاميةً، ويحققون قُوّةً عسكريةً، تحمي وجودهم، ووحدة اقتصاديةً توفّر لهم كلّ ما يحتاجون إليه مِن ثروات.

لقد ترَك الأعداء آثاراً سيئةً، مِن ضعفٍ في التديّن، وانحطاطٍ في الخُلُق، وتخلُّفٍ في العِلم، ولا يمكن القضاء على هذه الآفات الاجتماعية الخطيرة، إلاَّ إذا عادَت الأمّة مُوحّدةَ الهدف، مُتراصّة البنيان، مجُتمِعة الكلمة؛ كالبنيان المرصوص،


(١) برقم (١٧١٥).
(٢) عزاه الحافظ ابن كثير -رحمه الله- إلى "صحيح مسلم" وانظره برقم (١٧١٥)، وفيه بعض الألفاظ المختلفة، وهذه الرواية أقرب لما جاء في "الأدب المفرد" (٤٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>