للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (١).

ومن نماذج المجاهدين الخاشعين المنتصرين ما رواه جابر -رضي الله عنه- قال: "خرَجْنا مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعني في غزوة ذات الرِّقاع - فأصاب رجلٌ امرأةَ رجلٍ من المشركين، فحَلَف: أن لا أنتهيَ حتى أهريق دماً في أصحاب محمد، فخرَج يتبع أثرَ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فنزلَ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منزلاً، فقال: مَنْ رجلٌ يكْلَأُنا (٢)؟ فانتُدِب رجلٌ من المهاجرين، ورجلٌ من الأنصار، فقال: كُونا بفَمِ الشِّعْبِ. قال: فلمّا خرَج الرجلان، إلى فم الشعب اضطجع المهاجريُّ، وقام الأنصاريُّ يُصلّي، وأتى الرجل، فلمّا رأى شخصه؛ عَرَف أنّه ربيئةٌ (٣) للقوم، فرماه بسهمٍ فوضَعَه فيه، فنزعَه حتى رماه بثلاثة أسهم، ثمّ ركَع وسجَد، ثمّ انتبهَ صاحبه، فلمّا عَرَف أنهم نَذِروا (٤) به هَرَب، ولمّا رأى المهاجريُّ ما بالأنصاريِّ مِن الدماء قال: سبحان الله! ألا أنبهتني أوّلَ ما رمى، قال: كنتُ في سورةٍ من القرآن فلم أُحِبَّ أن أقطعَها" (٥).

{وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ}، معرضون عن الباطل المتضمِّن الشركَ والمعاصي وما لا فائدة فيه مِن الأقوال -كما قال بعض المفسِّرين-.


(١) المؤمنون: ١ - ١١.
(٢) أي: يحفظنا ويحرسنا.
(٣) هو العين والطليعة الذي ينظر للقوم؛ لئلاَّ يدهمَهم عدوٌّ، ولا يكون إلاَّ على جبلٍ أو شَرَفٍ ينظُر منه. "النّهاية".
(٤) أحسُّوا بمكانه.
(٥) أخرجه أبو داود وغيره، وحسَّنه شيخنا -رحمه الله- في "صحيح سنن أبي داود" (١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>