ثمَّ ذكر شيخنا (ص٥١) كلام القرطبي (١٢/ ٢٢٩): "قال ابن عطية: ويظهر لي بحُكم ألفاظ الآية أنَّ المرأة مأمورة بأن لا تُبديَ، وأن تجتهد في الإخفاء لكل ما هو زينة، ووقع الاستثناء فيما يظهر بحكم ضرورة حركة فيما لا بدَّ منه، أو إِصلاح شأن، ونحو ذلك فـ {ما ظهر} على هذا الوجه ممّا تؤدي إِليه الضرورة في النساء فهو المعفو عنه".
وقال -حفظه الله- (ص٥١ - ٥٢) -بحذف يسير-: " ... وبيانه أنَّ السلف اتفقوا على أنّ قوله تعالى:{إِلاَّ ما ظهَر منها} يعود إِلى فعلٍ يصدر من المرأة المكلَّفة، غاية ما في الأمر أنهم اختلفوا فيما تظهره بقصدٍ منها، فابن مسعود يقول: هو ثيابها؛ أي: جلبابها. وابن عباس ومن معه من الصحابة وغيرهم يقول: هو الوجه والكفان منها.
فمعنى الآية حينئذ: إلاَّ ما ظهرَ عادة بإِذن الشارع وأمرِه. ألستَ ترى أن المرأة لو رفعت من جلبابها حتى ظهر من تحته شيء من ثيابها وزينتها -كما يفعل ذلك بعض المتجلببات- أنها تكون قد خالفَت الآية باتفاق العلماء؛ فقد التقى فِعْلها هذا مع فِعْلها الأول، وكلاهما بقصد منها؛ لا يمكن إلاَّ هذا، فمناط الحكم إِذن في الآية؛ ليس هو ما ظهر دون قصد من المرأة -فهذا ممّا لا مؤاخذة عليه في غير موضع الخلاف أيضاً اتفاقاً - وإِنما هو فيما ظهر دون إِذنٍ من الشارع الحكيم".
وقال شيخنا -حفظه الله تعالى- في "تمام المنّة" (ص ١٦٠): "روى ابن أبي شيبة في "المصنّف"(٤/ ٢٥٣) عن ابن عباس في تفسير الآية