وقال الخطابي: صلاّها النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في أيام مختلفة بأشكال متباينة يتحرى فيها ما هو الأحوط للصلاة والأبلغ للحراسة، فهي على اختلاف صورها متفقة المعنى. انتهى.
وقال في "الدراري": "وكلّها مجزئة؛ لأنّها ورَدت على أنحاء كثيرة، وكل نحوٍ رُوي عن النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فهو جائز، يفعل الإِنسان ما هو أخفّ عليه وأوفق بالمصلحة حالتئذٍ، كذا في "الحجّة".
وقال في "الروضة الندية" -بحذف- أقول: من زعم من أهل العلم أنَّ المشروع من صلاة الخوف ليس إلاَّ صفة من الصفات الثابتة دون ما عداها، فقد أهدر شريعة ثابتة وأبطل سنّة قائمة بلا حجة نيّرة، وغالب ما يدعو إلى ذلك ويوقع فيه، قصور الباع، وعدم الاعتناء بكتب السنّة المطهرة، فالحقّ الحقيق بالقبول جواز جميع ما ثبت من الصفات.
فإِنْ قلت: ما الحكمة في وقوع هذه الصلاة على أنواع مختلفة؟ قلت: أمران: الأول: اقتضاء الحادثة لذلك والمقتضيات مختلفة، ففي بعض المواطن تكون بعض الصفات أنسب من بعض؛ لما يكون فيها من أخْذ الحذر، والعمل بالحزم ما يناسب الخوف العارض، فقد يكون الخوف في بعض المواطن شديداً، والعدو متصلاً أو قريباً، وفي بعض المواطن قد يكون الخوف خفيفاً والعدو بعيداً، فتكون هذه الصفة أولى بهذا الموطن، وهذه أولى بهذا الموطن.
الأمر الثاني: أنّه -صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم- فعَلَها متنوّعة إِلى تلك الأنواع؛ لقصد التشريع وإِرادة البيان للناس.