للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستطيعون ضَرْبَاً في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفُّف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إِلحافاً (١)} (٢).

فالفقراء إِذن قد تكون عندهم موانع تمنعهم من التكسّب، أو أنهم لا يستطيعون ذلك أصلاً لبعض الأسباب، ويحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف، بعكس الذي يطوف على الناس؛ تردّه اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان.

وهم لا يسألون الناس إِلحافاً بعكس من يسأل كما في قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ولا يقوم فيسأل الناس ... ".

وفي حديث: "ليس المسكين ... " قال الحافظ (٣/ ٣٤٣): "وفيه دلالة لمن يقول: إِنّ الفقير أسوأ حالاً من المسكين، وأنّ المسكين الذي له شيء لكنّه لا يكفيه، والفقير الذي لا شيء له ... ويؤيده قوله تعالى: {أمّا السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر} (٣) فسمّاهم مساكين مع أنّ لهم سفينة يعملون فيها، وهذا قول الشافعي وجمهور أهل الحديث والفقه.

فإِنْ قلتَ: قد جاءت الآيات الكثيرة في الحض على إِطعام المسكين، فلماذا لم يكن ذلك في الفقير وهو أولى؟

قلتُ: الفقير والمسكين كلاهما من أهل الحاجة، الذين يشرع التصدّق


= التجارة- لاشتغالهم به عن التكسّب. "فتح" (٣/ ٣٤١).
(١) أي: لا يُلحّون في المسألة ويكلّفون الناس ما لا يحتاجون إِليه. "ابن كثير".
(٢) البقرة: ٢٧٣.
(٣) الكهف: ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>