للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما عليه، أخذ من خطاياهم فَطُرِحت عليه، ثم طرح في النار" (١).

وكقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ما تَعُدّون الرَّقوب فيكم؟ قلنا: الذي لا يولد له، قال: ليس ذاك بالرقوب، ولكنّه الرجل الذي لم يُقدِّم من ولده شيئاً" (٢).

قال ابن الأثير في "النهاية": "الرقوب في اللغة: الرجل والمرأة إِذا لم يَعِش لهما ولد، لأنّه يرقب موته ويرصُده؛ خوفاً عليه، فنَقله النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلى الذي لم يقدّم من الولد شيئاً أي: يموت قبله؛ تعريفاً أنّ الأجر والثواب لمن قدَّم شيئاً من الولد، وأنّ الاعتداد به أكثر والنفع به أعظم ... ومن لم يُرزق ذلك؛ فهو كالذي لا ولد له، ولم يقُلْه إِبطالاً لتفسيره اللغوي" (٣).

ويمكننا أن نقول هذا في حديث: "ليس المسكين الذي يطوف على الناس؛ تردّه اللقمة واللقمتان"، فهذا هو المعنى اللغوي وهو الواقع الاجتماعي، ولم يقُل النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مقولته ليبطل تفسيره اللغوي.

ولهذا يمكننا أن نقول عن المسكين: إِنه الذي يُفطن له بالصدقة ويسأل الناس، وطالما سأل الناس وفُطن له بالصدقة فإِنه واجدٌ ما يُغنيه، فجاء الحديث ليُبيّن الأَوْلى منه بالصدقة وهو مَنْ لا يسأل الناس، ولا يُفطن له بالصدقة، ولا يجد ما يُغنيه.

وقد قال الله تعالى: {للفقراء الذين أُحصِروا (٤) في سبيل الله لا


(١) أخرجه مسلم: ٢٥٨١.
(٢) أخرجه مسلم: ٢٦٠٨.
(٣) وقد فصّلت القول فيه في "شرح صحيح الأدب المفرد" (١/ ١٨٢).
(٤) أي: حصَرهم الجهاد أي: منَعهم الاشتغال به من الضّرْب في الأرض -أي: =

<<  <  ج: ص:  >  >>