للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال المِزِّيُّ: ما رأيت مثلَه، ولا رأى هوَ مثلَ نفسهِ، وما رأيت أحدًا أعلمَ بكتاب الله وسُنَّة رسوله، ولا أتبعَ لهما منه.

وقال الزَّمَلْكاني: كان إذا سُئِلَ عَنْ فَن من الفُنون ظَنَّ الرائي أو السَّامع أَنَّه لا يعرف غير ذلك الفن، وحكم أنَّ أحدًا لا يعرف مثله، وكان الفقهاءُ من سائر الطوائف إذا جلسوا معه استفادوا منه في سائر مذاهبهم ما لم يكونوا عرفوه قبل ذلك، ولا يُعْرَف أنَّه ناظر أحدًا فانقطع معه، ولا تكلم في علم من العُلوم سواءٌ كان من علوم الشَّرْع أو غيرها إلَّا فاقَ فيه أهْلَهُ والمنسوبَ إليه، وكانت له اليدُ الطُّولى في حُسْنِ التصنيف وجودة العبارة، والترتيب، والتقسيم والتبين.

ووقعت مسألة فرعية في قسمةٍ جرى فيها خلافٌ بين المفتين في العصر، فكتب فيها مجلدةً كبيرةً، وكذلك وقعت مسألة في حَدٍّ من الحدود فكتب فيها مجلدةً كبيرة، ولم يخرج في كل واحدة عن المسألة ولا طَوَّلَ في تخليط الكلام والدخول في شيء والخروج من شيء، وأتى في كل واحدة بما لم يكن يجري في الأوهام والخواطر، واجتمعت شروط الاجتهاد فيه على وجهها، وقد أثنى عليه خلقٌ من شيوخه ومن كبار علماء عصره كالشمس ابن أبي عمر، والتاج الفزاري، وابن مُنَجَّا، وابن عبد القوي، والقاضي الجوني، وابن دقيق العيد، وابن النَّحاس، وغيرهم.

وقال عمادُ الدين الواسِطيُّ في أثناءِ كلام لهُ فيه: واللهِ ثُمَّ واللهِ لم أرَ تحتَ أديمِ السَّماءِ مِثلَه علمًا وعملًا، وجمالًا وخلقًا، واتباعًا وحلمًا، وكرمًا وقيامًا في حق الله تعالى عند انتهاك حرماته، ثم أطال في الثناء عليه، وقد امتُحِنَ ونصره الله على أعدائه، ولنذكر بعض ذلك، وبعض ما حصل له إلى حينِ وفاتهِ من الأمور والمِحَنِ والتنقلات وذلك يحتاج إلى مجلداتٍ، ولكن نشير إلى المهم من ذلك، كقيامه في نوبة غازان سنة تسعٍ وتسعين وست مئة، وقيامه بأعباء الأمر بنفسه، واجتماعهِ هو بنائبه حالْموْمْشَاه، وبتولاي، وإقدامه وجرأته على المَغُول، وعظيم اجتهاده، وفعله الخير من إنفاق الأموال وإطعام الطعام، ودفنِ الموتى، ثم توجهه بعد ذلك إلى الديار المِصْرية، وسوقهِ على البريد إليها في جمعة لما قدم التتار إلى أطراف البلاد، واشتد