للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النَّعْشُ على الرؤوس تارةً يتقدم وتارة يتأخر، وخرج الناسُ من الجامع من أبوابه كُلِّها من شِدَّةِ الزِّحَام، وعَظُمَ الازدحام بسوق الخيل، وتقدم للصَّلاة عليه هناك أخوه الزَّين، وحُمِل إلى مقبرة الصوفية، فدفن هناك بجانب أخيه الشرف، وكان دَفْنهُ وقت العصر، وغلق النَّاسُ حوانيتهم، ولم يتخلف عن الحضور إلَّا القليل، وحَضَرَ من الرجال والنِّساء أكثرُ من مئتي ألف، وكان وقتًا مشهودًا، وخُتِمَتْ له ختمٌ كثيرةٌ بالصَّالحية والبلد، وتردَّدَ النَّاس إلى قبره، ورُؤِيَتْ له مناماتٌ حسنةٌ كثيرةٌ، ورثاه النَّاسُ بقصائد جَمَّةٍ، وكانت وفاتُه ليلةَ الاثنين العشرين من ذي القعدة سنةَ ثمانٍ وعشرينَ وسبع مئة رحمه الله ورضي عنه.

وقد ذكر جميعَ ما تقدم ابنُ عبد الهادي (١)، وابن شاكر (٢)، ولعلنا أتينا في هذه الترجمة المختصرة بما يكون فيه، بلاغٌ لمحبيه، وحُجَّةٌ على مخالفيه الواقعين فيه والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.

وقد اكتفينا بالإِشارة إلى ذلك كله، فمن أراد شرحَ ما أشرنا إليه، والاطلاع على سيرة هذا الإِمام، فليرجع إلى ما أُلف فيه، فقد أفردَهُ غيرُ واحدٍ من الفضلاء بالتصنيف: كابن عبد الهادي في مجلد، وأبي علي البزار البغدادي في مجلد، وصفي الدين بن البخاري، ومرعي بن يوسف في مجلد، وابن كثير في مجلدين، وابن ناصر وغيرهم، وذكره غيرهم في كتبهم في التراجم مثل الذَّهَبِيُّ، والبِرْزَالِيُّ، وابن رافع، وابن الزَّملَكاني، وابن رجب، وابن العماد، وابن شاكر، وكاتب السِّر محمود في "تاريخه"، وابن سَيِّد النَّاس، وابن حجر وغيرهم، وهذه الكتب أكثرها مطبوعةٌ ومنتشرةٌ، ولذلك أضربنا عن التطويل اكتفاءً بها.

أما مصنفاته رحمه الله فقال ابنُ عبد الهادي: لا أعلم أحدًا من المتقدمين ولا من المتأخرين جمعَ ولا صَنَّفَ نحو ما صنف، ولا قريبًا من ذلك مع أنَّ تصانيفَه كان يكتب كثيرًا منها من حفظه، وكتب كثيرًا منها في الحَبْس وليس عندَه ما يحتاج إليه


(١) طبقات علماء الحديث: ٤/ ٢٧٩.
(٢) فوات الوفيات: ١/ ٧٤.