للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فجاء بصرة فيها مئة درهم فعرضها عليه فامتنع، وسأله أن يقبلها قرضًا فأبى حتى بلغت عشرين درهمًا، كل ذلك يأبى عليه فقام موليًا، فقال: ما يحل لك أن تقتل نفسك، أعرض عليك ولا تقبل! فقال أحمد: ارجع، فرجع الشيخ فقال: ألست قد سمعت معي على ابن عيينة سماعًا كثيرًا، فقال: بلى. فقال: أتحب أن أنسخه لك؟ قال: نعم. فقال أحمد: اشترِ ورقًا وجئني به، وكتب بدراهم ذكر مبلغها، فاكتسى منها ثوبين باثني عشر درهمًا وأخذ الباقي نفقة.

ودخل على مروزي ثم خرج من عنده فقيل له: في أيِّ شيء جاءك أحمد؟ فقال: هو لي صديق وبيني وبينه سر، وتلكأ أن يخبر، فألحوا عليه فقال: كان استقرض مني مئتي درهم فجاءني بها، فقلت له: يا أبا عبد الله ما دفعتها وأنا أنوي أن آخذها منك، فقال أحمد: وأنا ما أخذتها إلا وأنا أنوي أن أردها إليك.

وقال صالح بن أحمد بن حنبل: دخلت على أبي في أيام الواثق والله يعلم في أي حالة نحن، وقد خرج لصلاة العصر، وكان له لبد يجلس عليه، وقد أتت عليه سنون كثيرة حتى قد بلي فإذا تحته كتاب كاغَد، وإذا فيه: بلغني يا أبا عبد الله ما أنت فيه من الضيق وما عليك من الدَّين، وقد وجهت إليك بأربعة آلاف درهم على يدي فلان لتقضي بها دينك وتوسع بها على عيالك، وما هي من صدقة ولا زكاة، وإنما هو شيء ورثته من أبي. فقرأت الكتاب ووضعته، فلما دخل قلت: يا أبت ما هذا الكتاب فاحمّر وجهه، وقال: رفعته منك. ثم قال: تذهب بجوابه، فكتب إلى الرجل: وصل كتابك إليَّ ونحن في عافية، فأما الدَّين فإنه لِرَجل لا يرهقنا، وأما عيالنا فهم في نعمة الله والحمد لله. فذهبت بالكتاب إلى الرجل الذي كان أوصل الكتاب، فقال: ويحك، لو أن أبا عبد الله قبل هذا الشيء ورمى به مثلًا في دجلة كان مأجورًا، لأن هذا الرجل لا يعرف له معروف، فلما كان بعد حين ورد كتاب الرجل بمثل ذلك فردَّ عليه الجواب بمثل ما ردَّ عليه، فلما مضت السنّة أو أقل أو أكثر ذكرناها فقال لنا: لو كنا قبلناها كانت قد ذهبت.

وجاءه ابن الجريري بألف دينار وقال: هذه من ميراثي من أبي فاشتر بها غلةً