للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الديوان في زمن القائم في زمرةٍ من الكبار، وجمع علم الأصول والفروع، وصنَّف فيها الكتب الكبار، وكان دائم التشاغل بالعلم، حتى إني رأيت بخطه أين لا يحل لي أن أضيع الساعة من عمري، حتى إذا تعطَّل لساني عن مذاكرة ومناظرة، وبصري عن مطالعة، أعملت فكري في حال راحتي، وأنا مطَّرح فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أُسطِّره.

وقال ابن الجوزي أيضًا: كان كريمًا ينفق ما يجد، فلم يخلِّف سوى كتبه وثياب بدنه، وكانت بمقدار كفنه وأداء دَيْنه. انتهى.

وكان رحمه الله بارعًا في الفقه وأصوله، له في ذلك استنباطات عظيمة حسنة، وتحريرات كثيرة مستحسنة، قال السلفي: تكلم ابن عقيل يومًا مع شيخنا أبي الحسن الكيا الهَراسي في مسألة فقال له شيخنا: ليس هذا بمذهبك، فقال: أنا لي اجتهاد، متى طالبني خصمي بحجة كان عندي ما أدافع به عن نفسي، وأقول له بحجتي. انتهى. كان ابن عقيل كثير التعظيم للإِمام أحمد وأصحابه، والرد على مخالفيهم، وله مسائل كثيرةٌ ينفرد بها. انتهى ملخصًا.

وذكره ابن رجب (١) في طبقاته، وأطنب في ترجمته وقال: كان ابن عقيل يتكلم كثيرًا بلسان الاجتهاد والترجيح، واتباع الدليل الذي يظهر له، ويقول الواجب اتباع الدليل لا اتباع أحمد، وكان يخونه قلة بضاعته في الحديث، فلو كان متضلِّعًا من الحديث والآثار، ومتوسِّعًا في علومهما، لكلمت له أدوات الاجتهاد، وكان اجتمعه بأبي بكر الخطيب، ومن كان في وقته من أئمة الحفَّاظ كأبي نصر بن ماكولا، والحُميدي وغيرهم، أولى وأنفع له من الاجتماع بابن الوليد وابن التبَّان، وتركه لمجالسة مثل هؤلاء هو الذي حَرَمه علمًا نافعًا في الحقيقة، ولكن الكمال لله. انتهى المراد من كلام ابن رجب.

ولأبي الوفاء بن عقيل رحمه الله تصانيف كثيرةٌ كبيرةٌ جليلةٌ، ذكر النابلسي (٢)


(١) الذيل على طبقات الحنابلة: ١/ ١٤٢.
(٢) مختصر طبقات الحنابلة: ٤١٣.