للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَيُصِّنفُ فيه، وكان حافظًا للحديث، وصَنَّفَ فيه، إلَّا أنَّنا لم نرضَ تصانيفه في السُّنَّة ولا طريقَتَهُ فيها. انتهى.

توفي ليلة الجمعة بين العشاءين من شهر رمضان سنة سبع وتسعين وخمس مئة، وكانَ في تموز فأخطر من الحاضرين جنازَتَهُ بعضُهم لشدة الزِّحام والحر. انتهى.

وقال ابن الشطي في "مختصره" (١): توفي والده سنة أربعَ عشرة وخمس مئة، فكفلته أُمُّه وعَمَّتُه، وكان أهلُه تُجَّارًا بالنُّحاس، ولما ترعرع سمِع الحديث، إلى أن قال: وصحب في الفقه ابن الزَّاغُوني، ثم صحب كلًا من أبي بكر الدِّيْنَوَرِي، وأبي يَعْلَى الصَّغير، وأبي حكيم النَهْرَوَاني، وقرأ الأدب على أبي منصور الجَوَالِيْقي، ووعظ في جامع المنصور وغيره، سنة سبع وعشرين وخمس مئة، واشتهر في ذلك الوقت أمرُه، وأخذ في التصنيف والجمع، وعَظُمَ شأنهُ في ولاية الوزير ابنِ هُبَيْرة، ولمّا وَلِيَ المستنجِدُ بالله الخلافةَ خلعَ عليه خِلْعَةً مع الشيخ عبد القادر وأمثاله، وأذِنَ لهم في الجلوسِ بجامع القصر، فتكلَّم الشيخ أبو الفرج وكان يُحْزَرُ مجلسُهُ على الدوام بعشرة آلافٍ وخمسة عشر ألفًا، وأسند إليه مدرستان بعد وفاةِ شيخه النَّهْرَواني، وفي خلافَة المستضيء قويَ اتصال الشيخ به، فَصَنَّف له الكتابَ المسمى "المصباح المضيء في دولة المستضيء"، وكتابًا آخر لمّا خَطَبَ له بمصر سَمَّاهُ "النصر على مصر"، وحَظِيَ عنده، وحَصَل له من القَبُول، وحضورِ الخلفاء في مجلسه ما لا يكاد يُوصف، ثم بنى مدرسته ودَرَّسَ بها سنة سبعين، وذكر أوَّلَ يومِ تدريسِه بها أربعةَ عشر بحثًا من فنون العلم، وبهذه السَّنَة انتهى تفسيرهُ للقرآن على المِنْبر، فسجد عليه سجدةَ الشكر، وقال: ما عرفتُ أنَّ واعظًا فَسَّر القرآن كلَّه في مجلس الوعظ منذ نزل القرآن، ثم في شعبان أُسْنِدَت إليه مدرسةٌ أخرى كُتِبَ اسمهُ على حائطها، وبُني له دَكَّةٌ في جامع القصر، فجلس فيها يومَ الجمعة ثالثَ رمضان، وحضر الخليفةُ مجالسَهُ غيرَ مرةٍ إلى أنْ قال: وجُمِعَتْ بُرايةُ أقلامه التي كتب بها حديثَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَحَصَلَ منها شيءٌ كثير، وأوصى أنْ يُسَخَّنَ بها الماء الذي يُغَسَّلُ به بعد موته، ففعل ذلك فكفت،


(١) مختصر طبقات الحنابلة: ٤٢.