وقال أبو العباس ابن تَيْمِيَّة: ما دخل الشام بعد الأوزاعي أفقه من الشيخ ابن قُدامة الموفَّق.
وقال الضياء: كان إمامًا في القرآن، إمامًا في التفسير، إمامًا في علم الحديث ومشكلاته، إمامًا في الفقه، بل أوحد زمانه فيه، إمامًا في علم الخلاف، أوحد زمانه فيه وفي الفرائض، إمامًا في الأصول الفقهية، بل أوحد زمانه فيها، إمامًا في النحو والحساب، إمامًا في النجوم السيّارة والمنازل. قال: ولما قدم بغداد قال له الشيخ أبو الفتح بن المَنِّي: اسكن هنا، فإنّ بغداد مفتقرة إليك، وأنت تخرج من بغداد ولا تخلَّف فيها مثلك. وكان العماد يعظَّم الموفق تعظيمًا كثيرًا، ويدعو له ويقعد بين يديه كما يقعد المُتَعَلَّم من العالم.
وقال ابن غنيمة: ما أعرف أحدًا في زماننا أدرك درجة الاجتهاد إلا الموفَّق.
وقال عبد الله اليُوْنيني: ما أعتقد أن شخصًا ممن رأيته حَصَل له من الكمال في العلوم، والصفات الحميدة، التي يحصل بها الكمال سواه، فإنه - رحمه الله - كان إمامًا كاملًا في صورته ومعناه من الحسن والإِحسان، والحلم والسُّؤْدُد، والعلوم المختلفة، والأخلاق الحميدة، والأمور التي ما رأيتها كملت في غيره. وقد رأيت من كرم أخلاقه، وحسن عشرته، ووفور حِلْمه، وكثرة عِلْمه، وغزير فطنته، وكمال مروءته، وكثرة حَيَائه، ودوام بِشْره، وعزوفه عن الدنيا وأهلها، والمناصب وأربابها، ما قد عجز عنه كبار الأولياء، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"ما أنعم الله على عبدٍ نعمةً أفضل من أن يلهمه ذكره"، فقد ثبت بهذا أن إلهام الذكر أفضل الكرامات، وأفضل الذكر ما يتعدَّى نفعه إلى العباد، وهو تعليم العلم والسُّنَّة، وأعظم من ذلك وأحسن، ما كان جِبلَّة، وطبعًا، كالحِلْم والكرم، والفضل والعقل والحياء. وكان قد جَبَلَهُ الله على خُلُق شريف، وأفرغ عليه المكارم إفراغًا، وأسبغ عليه النِّعم، فلطف به في كل حال.