للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثال ما إذا تعذر الحمل على الحقيقة، وتعددت وجوهُ المجاز مع التنافي: ما إذا دخل النفي على الحقيقة اللغوية، وتعذر الحملُ عليها، كما في: (لا عملَ إلا بنيَّةٍ) مثلًا، فإن الحقيقة متعذرة، واحتمل أن يقدَّر: لا صحةَ عمل، واحتمل أن يقدَّر: لا كمالَ عمل.

فهذان وجهان من المجاز، وفي الحمل على أحدهما منافاةٌ للحمل على الآخر، لأنَّا إذا [قلنا]: لا صحة، لزم انتفاء الكمال، وإذا قلنا: لا كمال، لم يلزم انتفاء الصحة، بل قد يشعر بوجودها، والحملُ على نفي الصحة أقربُ إلى انتفاء الحقيقة من الحمل علي نفي الكمال.

وأما مثال القسم الثاني: فسيأتي في المسألة التي تلي هذه المسألة، إن شاء الله تعالى، ويتبين تنزيلُ الأمرِ فيها على ما أشرنا إليه من التخصيص وعدمِه.

الرابعة عشرة: قد ذكرنا تعذُّرَ الحمل على حقيقة الظرفية في كلمة "في" من قوله: - صلى الله عليه وسلم -: "ولا تأكلوا في صحافها"، فإذا حملناها على معنى "من" مجازًا كانت لابتداء الغاية، وابتداءُ الغاية يتناول الشربَ مع مباشرة الإناء بالفم، والشرب من غير مباشرته، كما إذا صبَّ من الإناء في فِيْهِ من غير ملاقاته الإناءَ، والشرب منه لا مع مباشرته، ويمكن حملُه عليهما معًا، وليس أحدهما أولى من الآخر بالنسبة إلى ابتداء الغاية، ولكنَّ الأقربَ إلى حقيقة الظرفية الشربُ مع مباشرة الإناء، ومتى حملناه على المباشرة أخرجنا عنه الشربَ منه من

<<  <  ج: ص:  >  >>