للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما ذُكِر سواء، لكنه أمرٌ عارضٌ، فلا ينبغي أن يُجعلَ ذلك حكماً عامًّا في إنكار المنكر حيث لا يؤدي إلى وقوعِ المفاسد المحرمة شرعاً، والكلامُ في درجة الوجوب.

فإن قلت: الإغلاظُ سببٌ في ثوران نفس الظالم المرتكِبِ للمنكر، ولجاجِهِ فيما هو فيه، وأحبّ شيء إلى الإنسان ما مُنِعَ، وربَّما أدى ذلك إلى فتنة.

قلت: إن كانت هذه قضية جزئية تفرضها، وكانت البُداءة بالإغلاظ (١) توقع في مثل هذه المفسدة المذكورة في قتل الباغي ودفع الصائل، سلَّمناه، فلا (٢) يجوز في هذه الصورة إلا ما يجوز في دفع الصائلِ والباغي من التدريج.

وإن جعلتَ هذه المفسدةَ مقتضيةً لوجوب التدريج مطلقاً، فهذه مفسدة ألغى الشارعُ اعتبارَ دفعِها؛ لأنها عامةٌ غالبة في حق مرتكب المنكر، فلو اعتُبِرَ ذلك مطلقا أدى إلى مخالفة النص المذكور في حديث أبي سعيد، وقد يكون الشارعُ اعتَبرَ مصلحةَ الإغلاظ (٣) على مرتكب المنكر عقوبة له على تجرّئه على حدود الله تعالى.

السادسة والخمسون بعد المئتين: قد قدمنا الحكايةَ عن بعض


(١) في الأصل: "بالأغلظ"، والمثبت من "ت".
(٢) "ت": "ولا".
(٣) "ت": "الإنكار".

<<  <  ج: ص:  >  >>