{فَاغْسِلُوا}، والواو جامعةٌ بين جملةِ الأعضاء في الحكمِ، وقد توجَّهَ إليها الأمرُ بقوله:{فَاغْسِلُوا}، فيقتضي ذلك وجوبَ الأمرِ بغسل جملةِ الأعضاء في زمن القيام إلَى الصلاةِ الذي تقتضيه ظرفيةُ (إذا)، فمن غسل حينئذٍ بعضَ الأعضاء لمْ يأتِ بالمأمورِ به، وهو غسلُ (١) جميعِها في ذلك الظرف الزماني، فلا يخرج عن العُهْدَةِ.
وإنما قلنا: العاملُ فيها جوابُها، ولم نقلْ: العاملُ فيها الفعلُ الواقعُ بعدها؛ كما نُسِبَ ذلك إلَى بعض المتأخِّرين ممن يتعاطَى علمَ إعراب القرآن، ورُدَّ عليه بانَّ الفعلَ الذي هو بعدَ (إذا) في موضع جرٍّ بإضافتها إليه، فكيف يعمل المُضاف إليه في المُضافِ، وهو من تمامه؟!
الثالثة والسبعون: قوله: "ثمَّ غَسَلَ رِجلَيه حتَّى أنْقَاهما" قد يستدِّلُ به المالكيةُ في اعتبار الإنقاص دونَ اعتبار العدد، وهذا أولَى من الاستدلالِ بقوله:"ثمَّ غَسَلَ رِجليه" مِن غيرِ ذكر الإنقاء كما تقدم؛ لإفادة ذكرِ الإنقاءِ للإشارةِ إلَى المقصودِ، والله أعلم بالصواب.