وجوب التَّعميم كما فعله أصحابُ مالك: - رحمهم الله أجمعين - لم يتمَّ ذلك؛ لجوازِ أن يكون ذلك جمعاً في الخبر (١)، لا خبراً عن الجمع، ويكون النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَعلَ ذلك في وقتين مختلفين، وحينئذٍ لا يدلُّ على التكّميل، ولا تتمُّ القرينةُ.
وكذلك لو أرادَ مَنْ يجيزُ المسحَ على العِمامة مِنْ غيرِ مسحِ الشَّعرِ أو بعضِه أن يستدلَّ بمثل هذه الصيغة، وقولهِ:(وعلى عمامته)، لاعتُرِضَ عليه بأنَّه يجوزُ أن يكونَ خبراً عن الجمع؛ أي: جُمعَ بينهما في وقتٍ واحد، فلا يكونُ دليلاً على جواز الاكتفاء بالمسح على العِمامة.
وإنَّما قلتُ: مثل قولِ الراوي: "على ناصيته وعمامته"، وفرضنا أنَّه لم يدلَّ دليل على الجمعِ بينهما في وضوء واحد؛ لأنَّ الظاهرَ من روايةِ المغيرةِ: أنه في وضوء واحد، وإنَّما قصدنا بيانَ الطريقِ بضرب المثال.
الخامسة: ممَّا يترتب على هذه القاعدةِ في هذا الحديثِ أنه: هل استَعْمل اللفظ الواحد في حقيقته ومجازه، أم لا؟
وأمَّا في لفظِ الرَّسولِ - صلى الله عليه وسلم - فلا؛ أعني: أنْ يقالَ: إنَّ النَّبيَّ - صَلَّى الله عليه وسلم - استعملَ ها هنا اللفظَ الواحدَ في حقيقتِهِ ومجازِه، وإنَّما قلنا ذلك؛ لأنَّ بعضَ هذه المأموراتِ مستحبٌّ وبعضُها واجبٌ، إمَّا بالإجماع أو بدليلٍ يُدلُّ عليه، فقولُ البراءِ - رضي الله عنه -: " أَمر رسولُ الله - صَلَّى الله عليه وسلم - "، احْتَمَل أن يكون جمعاً في الخبر، لا خبراً عن الجمع، واحْتَمَلَ أن يكون