للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يجيء الخلاف الشاذ المقول عن العنبري والجاحظ؛ لأنهم بين مقصِّر أو معانِدٍ، وكيف ما كان فالهلاك واقع بهم، وليس حالهم حالَ من يقول فيه العنبري ما قال: إذا حصل التمكنُ من النظر فيما يوجب الإيمان، ويمكن على هذا أن يجيبَ العنبريُّ عما ردَّ به عليه من تثبيت المشركين، واغترارهم، وعدم المعرفة بالفرق بين المعاند وغيره، فله أن يقول: المكلَّف منهم مع إمكان النظر بين معاند ومقصر، وأنا أقول: بهلاك كل واحد منهما، هذا إن كان قال ما قال بناءً على ما ذكرناه، وأما الذي حُكِيَ عنه من الإصابة في العقائد القطعية، فباطلٌ قطعًا، ولعله لا يقول ذلك إن شاء الله تعالى.

وهذا الذي ذكرنا: أن له [أنْ] (١) يقوله، إنما هو بالنسبة إلى هذا الردِّ المخصوص، ولهم عليه ردٌّ أو ردودٌ غيرُ هذا، ليس هي التي أوردنا عليها هذا السؤال.

الرابعة: قوله: "مَنْ مَعَكَ على هذا الأمر؟ " يحتمل أن يريد باستعلام من معه النظر في أنه هل يمكن إظهارُ المتابعة باعتضاده بمن أسلم، ويَبْعُد أن يريدَ به الاستدلالَ بالوجه الذي استدل به هِرَقْلُ من أهل الكتاب الناظرين في سير الرسل - عليهم السلام - وأتباعهم، ولهذا لما أخبر بأنهم ضعفاء الناس، قال: هم أتباع الرسل (٢)، وعمرو


(١) زيادة من "ت".
(٢) رواه البخاري (٧)، كتاب: بدء الوحي، باب: كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومسلم (١٧٧٣)، كتاب: الجهاد والسير، باب: كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام، من حديث ابن عباس - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>