للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُقتَضِي للتنجيس موجودًا في السِّباعِ؛ لأنَّهُ لو لمْ يكنْ المُقتَضِي موجودًا فيها لكان التعليلُ بالأصلِ، لا لقيام المانع، ألا ترَى أنَّهُ لا يَحسنُ أنْ تعلَّلَ طهارةُ سؤر الآدميِّ - وما (١) يُؤكَلُ لحمُهُ، ولا يستعملُ النَّجاسَةَ - بعلةِ (٢) الطَّوْفِ، لَمّا أنَّ المُقتضيَ للنَّجاسةِ ليسَ موجودًا فيه، فلا يَحسُنُ تعليلُه بالمانعِ.

التاسعة عشرة: اختلفوا فيما إذا تعارضَ الأصل والغالبُ، أيُّهُما يُقَدَّمُ؟

ورجَّحَ بعضُ مصنفي الشّافِعية العملَ بالأصلِ (٣)، ويردُّ عليه أنَّ العملَ بأقوَى الظَّنَّين وأرجحِهِما واجبٌ، والظنُّ الحاصلُ بسبب إلحاقِ الفرد المُعيَّنِ بالأعمّ الأغلبِ أقوَى من الظنّ الحاصل بالأصلِ، فوجبَ تقديمُهُ.

ولو أرادَ مَن رجَّحَ العملَ بالأصلِ الاستدلالَ بهذا الحديثِ كان طريقُهُ أنْ يقولَ: لَمّا كان الغالبُ من الهِرَّةِ استعمالَ النَّجاسَةِ بأكل الميتة: وقعَ التردُّدُ في حال ولوغها في الإناءِ بينَ الحمل علَى الأصلِ؛ فيُحكَمُ بطهارة الإناء، وبين الحمل علَى الغالبِ؛ فيحكم بنجاسته،


(١) "ت": "ولا".
(٢) في الأصل: "لعلة"، والتصويب من "ت".
(٣) انظر: "إحياء علوم الدين" للغزالي (٢/ ١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>