للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو بإصبعه، وسُمِّيَ استنثارًا بآخر الفعل، و [قد] (١) سُمِّي استنشاقًا بأوله، وهو استدعاءُ الماء بنَفَس الأنف (٢).

وقال غيره: وأما الاستنثارُ؛ فتارةً يُراد به الاستنشاقُ، وهو اجتذابُ الماء بالنَّفَسِ إلَى باطن الأنف، وتارةً يراد به رمي ما في الأنفِ من الأذَى، والنَّثْرَةُ الأنف.

والقاضي عِياض خالفَ في هذا وحكَى عن ابن قُتيبة أنَّهُ قال: الاستنشاقُ والاستنثار سواء، مأخوذٌ من النَّثرة، وهو طرف الأنف، قال: ولم يقلْ شيئاً، بل الاستنشاقُ من النَّشْق، وهو جذبُ الماء إلَى الأنفِ بالنَّفَسِ، والنشوقُ الدواءُ الذي يصبُّ في الأنفِ، والاستنثارُ من النَّثرة، وهو الطرح، وهو هنا طرحُ الماء الذي نشُقَ قبلُ ليُخرِجَ ما تعلق به من قذر الأنف، وقد فرَّقَ بينهما النبي - صلى الله عليه وسلم - بقولهِ: "فَلْيَسْتَنْشِقْ بمنخَرَيْهِ من الماءِ، ثمَّ لِيَنْتَثِرْ (٣) " (٤).

التاسعة عشرة: إفرادُ الاستنثار بالذكرِ كما في هذه الرواية يدلُّ علَى أنَّها سنةٌ مُستقلةٌ، إذا حملناه علَى الدفعِ، هكذا ظاهره، ويكون الدليلُ علَى أن الاستنشاقَ سنةٌ من وجه آخر.

وإن جعلنا الاستنثارَ يتناولُ الأمرين معًا؛ أعني: الجذب


(١) سقط من "ت".
(٢) انظر: "المغني" لابن قدامة (١/ ٨٤).
(٣) في الأصل: "ليستنثر".
(٤) انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (٢/ ٣٠ - ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>