وهذا الاعتراض إنما يتأتَّى في ذكر الحكم في بعض الأفراد بتخصيصه بما له مفهومُ مخالفةٍ عند القائلين به؛ كالصفة مثلًا، فلا تجيء في ذكر الحكم في بعض الأفراد ذكرًا لا مفهومَ له كاللقب، والذين أوردوا المسألة أوردوها عامة، وقد قدّمنا تباعدَ ما بينهما، والله أعلم.
السابعة: استنباط معنى من النص يعود على النص بالتخصيص، قد يُمنع منه ويقال: إنَّ العموم لا يخص بعلة مستنبطة منه؛ لأن العلل إنما تستنبط من الألفاظ بعد تحصيل مضمونها، وكمالِ فائدتها، وما يقتضيه لفظُها، فإذا استقرت فائدتُها فبَحَثَ الباحثُ عن سبب القول بعد تحصيله، فتحصَّلَ من هذا أن العلةَ تابعةٌ لتحصيل معنى اللفظ، وما يفيده، وهذا يمنع من تخصيص العموم بعلةٍ مستنبطة منه؛ لأنَّا قد نقدم قبل النظر في علته إفادتَه للاستيعاب، فإذا كان مفيدًا للاستيعاب نظرنا في علة إفادته الاستيعابَ منه.
قلت: وبهذه القاعدة اعترضوا على مذهب أبي حنيفة - رحمه الله - في مسائلَ منها: تعليلُهُ تحريمَ الربا في الأصناف الأربعة بالكيل، فإنه يخرج اليسيرَ الَّذي لا يُكالُ ليَسَارته، مع أنه داخل تحت:"البُرُّ بالبُرِّ"، ويكون تخصيصًا للعام بعلة مستنبطة منه.