للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والبلاغةُ تقال على وجهين:

أحدهما: أن يكون بذاتِه بليغًا، وذلك بأن يَجْمَعَ ثلاثة أوصافٍ: صوابًا في وضع لغتِهِ، وطِبْقًا للمعنى المقصودِ، وصِدْقًا في نفسه، ومتى اخترم وصفٌ من ذلك، كان ناقصًا في البلاغة.

والثاني: أن يكونَ بليغًا باعتبارِ القائلِ والمَقُولِ له، وهو أنْ يَقْصِدَ القائل به أمرًا ما، فيورده على وجهٍ حقيقٍ أن يقبلَه المقولُ له، وقول الله عز وجل: {وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا} [النساء: ٦٣] يصح حملُه على المعنيين.

وقولُ مَنْ قال: معناه: {وَقُلْ لَهُمْ}؛ أي: إنْ أظهرتُم ما في أنفسكم قُتِلْتُم، وقول من قال: خوِّفْهم بمكارِهَ تنزلُ بهم، فإشارةٌ إلى بعض ما يقتضيه عمومُ اللفظ.

والبُلْغَة: ما يُتبلَّغ به من العيش (١).

الخامسة: شَهِدَ، يطلق ويراد به: حضر: شَهِدْتُ حَرْبَ كذا، وسُوْقَ كذا.

ويطلق شهد بمعنى: عَلِمَ: شَهِدْتُ بأنَّ وعدَ اللهِ حقٌّ.

ويطلق بمعنى: أظهرَ، وأبانَ (٢): شهدَ الشاهدُ عند الحاكم بكذا، أي: أظهرَ ما عنده من العلم وأبانه، {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [آل عمران: ١٨]:

أظهرَ ذلك بما أبدعَ مِنْ مخلوقاتِهِ ومصنوعاته،


(١) انظر: "مفردات القرآن" للراغب (ص: ١٤٤ - ١٤٥).
(٢) "ت": "بأن".

<<  <  ج: ص:  >  >>