للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المؤمنِ حيثُ يبلغُ الوُضُوءُ".

وقال أبو الفضل عِياضٌ - رحمه الله (١): والناسُ مجتمعون علَى خلافِ هذا، وأن لا يتعدَّى بالوضوءِ حدودَهُ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فمَنْ زادَ فقدْ تَعَدَّى وظَلَمَ" (٢)، والإشراعُ المرويُّ عن النَّبيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم - من حديث أبي هريرة هو محمولٌ علَى استيعابِ المرفقين والكعبين بالغسلِ، وعبَّرَ عن ذلك بالإشراعِ في العَضُدِ والساق؛ لأنهما مباديهما، وتطويلُ الغرة والتحجيل بالمواظبةِ علَى الوضوءِ، لكل صلاةٍ، وإدامتِهِ، فتطولُ غرتُهُ بتقويةِ نور وجهه، وتحجيلُهُ بتضاعُفِ نورِ أعضائه، انتهَى (٣).

الثَّانية: ذكر بعضُ الشارحين من الشافعيةِ في باب استحباب إطالةِ الغُرة والتحجيل: أنَّ هذه الأحاديث مصرِّحَةٌ باستحباب تطويل الغرة والتحجيل، قال: وأمَّا دعوَى الإمام أبي الحسن ابن بطَّال المالكي والقاضي عِياضٍ اتفاقَ العلماء علَى أنَّهُ لا تستحبُّ الزيادةُ فوق المرفق والكعب، فباطلةٌ، فكيف تصحُّ دعواهما، وقد ثبتَ فعلُ ذلك عن رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - وأبي هريرة - رضي الله عنه -، وهو مذهبُنا لا خلافَ عندنا فيه؛ كما ذكرناه؟ ولو خالفَ فيه مَنْ خالفَ كان محجُوجاً بهذه السننِ الصحيحة الصريحة، وأمَّا احتجاجُهُما بقوله - صَلَّى الله عليه وسلم -: "مَنْ زادَ علَى هذا،


(١) انظر: "إكمال المعلم" له (٢/ ٤٤).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) انظر: "المفهم" للقرطبي (١/ ٤٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>