وقوله:"توحيداً هو في التحرير محكم النظام، وفي الإخلاص وافر الأقسام": إحكام النظام يناسب التحريرَ فقُرِنَ به، ومراتبُ الاعتقادات والحكم الذهني متفاوتةٌ، فاختير للإخلاص توفرُ الأقسام.
وقوله:"أرسله رحمة للأنام": إشارة إلى قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}[الأنبياء: ١٠٧].
وقوله:"فعليه منه أفضل صلاة وأكمل سلام": فيه بحثان:
أحدهما: الصيغة صيغة خبر، والمقصودُ بهذه الصيغة الطلبُ ليكونَ امتثالاً لقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[الأحزاب: ٥٦] , وعلى حمل الصيغة على الإخبار قوله تعالى:{أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}[البقرة: ١٥٧] وبين الإنشاء والإخبار تضادٌّ، وهل يُحتاجُ في امتثال الأمر إلى إنشاء قصد، واستحضار النية للطلبِ وإخراجِ الكلام عن حقيقته من الخبر؟!
إن كان اللفظ المستعمل قد كَثُرَ حتى صار كالمنقول في عُرفِ الاستعمال، لم يُحتجْ إليه؛ لأنَّ المغلَّبَ عرفُ الاستعمال على الحقيقة اللغوية، وإن استعمِل لفظ لم ينتهِ في العرف إلى ذلك، فالأقربُ الحاجةُ إليه.
البحث الثاني: الصلاةُ من الله تعالى مفسَّرةٌ بالرحمة، ويقتضي هذا أنْ يقال: اللهمَّ ارحم محمدًا؛ لأنَّ المترادِفَين إذا استويا في الدَّلالة قام كلُّ واحد منهما مقامَ الآخر، ويشهد لهذا تقريرُهُ عليه السلام