للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زوال الأوصاف المستقذرة الموجبة للتنجيس ليس موجبًا للطهارة، فالنجاسة ثابتة، ولكنَّ انتفاءَها ثابتٌ؛ لقوله عليه السلام: "أيُّما إهابٍ دبغَ فقد طهرَ".

الخمسون: ظُنَّ بابن سُريج - رحمه الله - أنه يقول باشتراط النية في إزالة النجاسة (١)، فإن كان الظنُّ صحيحًا، وثبت قول باشتراط النية فيها، فيمكن أن يستدلَّ بهذا الحديث، ووجهه: أن الطهارة معلقةٌ بأن يدبغَ الجلدُ، وقد قدمنا أن لفظة "دبغ" تقتضي فعلًا من فاعل، فيكون الحكمُ بالطهارة مقيَّدًا بالصفة، فإذا قيل بالمفهوم في مثل هذا اقتضى أن لا يطهر الجلد إلا بدباغة دابغ، ولا يطهر بمجرد حصول الدباغ، فإذا ثبت هذا ثبت في باقي المسائل؛ لعدم القائل بالعرف، إلا أنه ضعيف؛ لقوة المعنى وظهور المقصود بتأثير الدباغ في الطهارة، بسبب انتزاع الفضلات المستقذرة، ولا فرق في هذا بين القصد وعدمه.

ووجه آخر: وهو أن التقييد بالصفة إذا خرج على الغالب لا يدل


(١) قال الرافعي في "فتح العزيز في شرح الوجيز" (١/ ٣١١): ويحكى عن ابن سريج اشتراط النية فيها، وبه قال أبو سهل الصعلوكي فيما حكاه صاحب "التتمة"، انتهى.
قال الروياني: لا يصح النقل عندي عنهما.
قال النووي: ونقل الماوردي والبغوي في "شرح السنة" الإجماع أنها لا تشترط. انظر: "تهذيب الأسماء واللغات" (٢/ ٥٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>