للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصابعِ، ولا تعودُ فيه الكيفيةُ المذكورةُ في الرجلينِ (١).

الرابعةُ والخمسون: فيه الأمرُ بالمضمضَةِ، وظاهِرُهُ الوجوبُ، فلِمَنْ يقولُ بذلكَ الاستدلالُ، وعلَى من يُخرجُهُ عن ظاهِرِه الدليلُ، وكثيراً ما يخرجونَهُ عن الظاهرِ بما في الحديثِ: "توضأ كَمَا أمَرَكَ الله" (٢)، فجعلوه (٣) إحالةً علَى ما في الكتابِ العزيزِ، وليسَ فيهِ ذِكرُ المضمَضَةِ والاستنشاقِ، وعليهِم فيهِ تشغيبٌ من وجوه:

أحدها: منعُ الحوالةِ علَى ما في الكتابِ العزيزِ، فإنَّ أمرَ اللهِ أعمُّ من ذلِكَ.

وثانيها: أنَّ الأمرَ بالمضمضَةِ والاستنشاقِ زائدٌ في الدلالةِ علَى ما دلَّ عليهِ الكتابُ العزيزُ، والأخذُ بالزائدِ مُتعيِّنٌ.

وثالثها: مُنازعةُ مَن نازعَ في أنهما لا يدخُلانِ في اسمِ الوجهِ، وادعاءُ أنَّهما منهُ، والاتكالُ علَى الأخذِ من المواجهةِ ضعيفٌ.

ويتبينُ من هذهِ الروايةِ بُطلانُ قولِ من فرَّقَ بينَ الاستنشاقِ والمضمضَةِ، حيثُ أوجَبَ الاستنشاقَ دونها مُعَلِّلاً بورودِ الأمرِ بالاستنشاقِ، فقد وردَ هاهُنا الأمرُ بالمضمضةِ أيضاً، ولعلَّهُ لم يبلغْ مَن فَعَلَ ذلكَ، والله أعلمُ.


(١) المرجع السابق، (١/ ٤٣٧).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) "ت": "وجعلوه".

<<  <  ج: ص:  >  >>