للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفويسقة وجرِّها الفتيلة، فمقتضاه أنه إذا كان السِّراجُ على هيئةٍ لا تَصِل إليها الفويسقة أن لا يُمنَعَ إبقاؤه، أمّا إذا كان على مَنَارة من نحاس أملس لا يمكن الفويسقةَ الصعودُ إليه، وأُبعِد عن المواضع التي يتأتَّى لها الوصولُ منها إلى أعلى المنارة التي يوضع فيها السراج، وإنما كان هذا مقتضاه أَنْ يزولَ الحكمُ بزوال علته.

الثانية والأربعون: هذا وإن كان مقتضى التعليل باطفاء المصابيح، إلا أنه قد ورد الأمر بإطفاء النار عند النوم مطلقاً، ففي حديث سالم، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تتركُوا النارَ في بيوتكُمْ حينَ تنامُون" (١)، وفي حديث أبي بردة، عن (٢) أبي موسى: "إن هذه النارَ هي عدوٌ لكم، فإذا نمتم فأطفئُوها عنكم" (٣)، والحديثان خُرِّجا في "الصحيحين".

وإذا أُمِرَ بإطفاء النار مطلقاً، فهو أعمُّ من نار السراج، فالأمر المعلق بإطفاء المصابيح لأجل العلة المذكورة، وهي جَرُّ الفتيلة، إذا أُمِنَت المفسدة لما ذكرناه، وانتفت تلك العلة، يبقى بعده الأمرُ بإطفاء النار متناولاً للمصباح المتوقد المأمون معه جرهُ الفتيلةَ، وقد تتطرق بذلك مفسدةٌ أخرى غيرُ جرِّ الفتيلة؛ كسقوط شيء من السراج على


(١) رواه البخاري (٥٩٣٥)، كتاب: الاستئذان، باب: لا تترك النار في البيت عند النوم، ومسلم (٢٠١٥)، كتاب: الأشربة، باب: الأمر بتغطية الإناء.
(٢) "ت": "عند"، والصواب ما أثبت.
(٣) تقدم تخريجه قريباً.

<<  <  ج: ص:  >  >>