للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرابعة عشرة: يستدلُّ المالكيةُ علَى التعبُّدِ - أو مَنْ قالَ منهم - بطلبِ العددِ، ويقولونَ: لو كان للنظافةِ [لم يُعتَدَّ بالعدد] (١)، وكذا قالوا في تعدادِ المراتِ في غسلِ الإناءِ من ولوغِ الكلبِ. وهو ضعيفٌ؛ لأنَّهُ لا يلزمُ من كونِ الشيءِ مَقصوداً انحصارُ المقصودِ فيهِ، وقد يكونُ معهُ شيءٌ آخرُ مقصودٌ، وهو زيادةُ الاستظهارِ في التطهيرِ بالعددِ.

الخامسة عشرة: قد ذكرنا أن المُعَمِّمين (٢) للحكمِ يُعَلِّلُونهُ بعُمومِ العِلةِ، وهاهُنا طريقٌ (٣) أخرَى تُخيَّلُ من خيالِ الفقهاءِ، وهو أنَّ أسبابَ النجاسةِ، قد يخفَى دَرْكُها علَى مُعظَمِ الناسِ، فيَعتقدُ انتفاءَ السببِ يقيناً، وليس الأمرُ علَى ما يَعتقدُهُ، فاطَّردَتِ السُّنَّةُ علَى الناسِ كافةً.

وشُبِّهَ هذا بالعِدَّةِ المنوطَةِ بالوطءِ؛ فإنها تَجِبُ لتبرِئَةِ الرحِمِ، وقد تجِبُ مع القَطعِ ببراءةِ الرحمِ تعميماً للبابِ.

قال: وقالَ بعضُ المُصَنفين: إذا استيقَنَ المرءُ طهارةَ يدَيهِ فلا عليهِ أنْ يَغمِسَ يديهِ، ولكِنَّا نستحبُ غَسلَ اليدينِ مع هذا (٤).

قالَ: وهذا عندي خطأٌ، فليُقَدِّم غَسلَ اليدينِ علَى غَمسِهما، إذ الغرضُ تعميمُ رعايةِ الاحتياطِ في حقُوقِ الناسِ، وذلك يتعلقُ بالماءِ.


(١) زيادة من "ت".
(٢) "ت": "المعلل".
(٣) "ت": "طريقة".
(٤) "ت": "ذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>