المال للضرورة لا يجب العوض عنه (١)، إذ التعويض بما ليس بعوض ليس بتعويض، هذا بعد تقرير تصحيح أخذ الحكم من أخذه - عليه السلام - للماء كما ذكره.
الثلاثون: فيه عَلَم عظيم من أعلام النبوة، ومعجزة من المعجزات له - صلى الله عليه وسلم - بتكثير الماء القليل إلى حدٍّ لا تقتضيه العادةُ.
الحادية والثلاثون: فيه تقديم مصلحة شرب الآدمي والحيوان على غيره من مصلحة الطهارة بالماء، من قوله: وكان آخر ذلك أن أعطى الذي أصابته الجنابةُ إناءً من ماء، فقال:"اذهب فأفرِغْهُ عليك".
وهذا أمر محقق؛ أعني: أنه يؤخذ منه أن هذه المصلحة مقدمة على تلك المصلحة، بسبب تقديم النبي - صلى الله عليه وسلم - الاستقاء للإنسان والحيوان على إعطاء الجنب لطهارته.
وأما أنه يؤخذ منه جواز التيمم مع وجود الماء لحاجة العطش، ففيه نظرٌ يحتاج إلى تأمل.
الثانية والثلاثون: فيه جواز التوكيد بالإيمان لما يحتاج إليه في ذلك، وإن لم تَدع إليه الضرورةُ أو السؤال.
(١) الى هنا نقله الحافظ في "الفتح" (١/ ٤٥٤) عن المؤلف رحمه الله، وقد أغفل الحافظُ ذكرَ المؤلف فيما تَعقب به ما نقَل عن بعضهم. وهذا يؤيد ما كنت قد ذكرته من أن الحافظ رحمه الله يغفل - أحياناً - ذكر ابن دقيق وغيره في نقله، فيظن المطالع أن الكلام للحافظ، والأمر خلاف ذلك.