للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك، فتبقى صيغة (افعلْ) على ما دلَّت [عليه] (١) قبل ذلك، فمن قال: إنها للوجوب قبل ذلك، فهي للوجوب بحالها، ومن قال: إنها موقوفةٌ، قال هي - أيضاً - مترددة بين الوجوب والندب، ويزيد هاهنا احتمال الإباحة، ولا تتعين الإباحة بسببها؛ لأنه لا يمكن هاهنا دعوى عرف واستعمال، حتى يقال: بأنه يغلب العرفُ الوضعَ في هذه الصورة، بخلاف الصورة الأولى، بل يبقى التردُّد لا غير، والاستدلالُ على هذه المذاهب لا يتعلق بغرضنا الآن.

الخامسة والخمسون: قوله - عليه السلام -: "ثم صَلِّ" بعد قوله: "أَقْصِرْ عن الصلاةِ" صيغةُ أمرٍ بعد الحظر، ولا يمكن أن يقال: هاهنا بالوجوب؛ لأنه لا وجوب لصلاة مبتدأة في هذا الوقت بالإجماع، ولعلَّ هذا يأخذه القائلون بعدم الوجوب استشهاداً لمذهبهم؛ كما استشهدوا بقوله تعالى: {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} [الأحزاب: ٥٣] {وَإذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: ٢]، {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: ٢٢٢]، فإذا تعذَّر الحمل على الوجوب، بقي الندب و (٢) الإباحة، فيترجحُ الحمل على الإباحة، أما أولاً: فللقرينة، وأما ثانياً: فلأن النُّدْبيَّة في هذا الوقت لا تستغرقه من حيث هو هو، وإنما تجيءُ في صلاة الضحى، أو يأتي مخصوص فتبقى بقية الوقت من حيث هو هو للإباحة، فإذا حملنا هذا الأمر على الندب مع وجوب


(١) سقط من "ت".
(٢) "ت": "أو".

<<  <  ج: ص:  >  >>