للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التحقق من باب الاكتفاء بالمسمى عند حصوله، وذلك لا ينافي اشتراط أمر آخر بدليل آخر، وهو هذا الحديث الذي ذكرنا فيه صيغةَ الأمر، فإن ادَّعى أنه يدل على الإجزاء من غير هذا الوجه، فليُبَيِّن.

الثانية: قد عرف أنه لا يلزم من استحباب الشيء كراهةُ ضده، والمذكور في المسألة السابقة سُنيَّة التقديم، وقد نقل عن نصِّ الشافعي رحمه الله في "الأم": أن الابتداء باليسار مكروه (١)، قال بعض الشارحين: وقد ثبت في سنن أبي داود والترمذي وغيرهما، بأسانيد جيدة عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِذَا لَبِسْتُم وَإِذَا تَوَضَّأْتُم فَابْدَؤُوا بِأَيامِنِكُمْ" فإن هذا نصٌّ في الأمر بتقديم اليمين، فمخالفته (٢) مكروهة أو محرَّمة، وقد انعقد إجماع العلماء على أنها ليست محرمةً، فوجب أن تكون مكروهةً، والله أعلم (٣).

الثالثة: الذي ذكرناه من الاستحباب في تقديم اليمنى (٤) على اليسار في الوضوء، لا يختص به، فإنه قد ثبت البَداءة بالشق الأيمن على الشق الأيسر في الغسل، والعموم الذي في "طهوره" يدل عليه.


(١) قال الإمام الشافعي في "الأم" (١/ ٣٠): أحب أن يبدأ باليمنى قبل اليسرى، وإن بدأ باليسرى قبل اليمنى فقد أساء، ولا إعادة عليه.
(٢) "ت": "لمخالفته".
(٣) انظر: "شرح مسلم" للنووي (٣/ ١٦٠).
(٤) "ت": "اليمين".

<<  <  ج: ص:  >  >>