للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السابعة والثلاثون: اختلفوا هل الأفضلُ التشييعُ أمامَ الجنازةِ أو خلفَها؟ ومذهب الشافعي - رضي الله عنه -: أنَّ المشي أمامَها أفضل (١)، ومذهبُ أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد - رضي الله عنهم -: أن المشيَ خلفَها أفضلُ (٢)، وقيل: إن كان راكبا كان خلفَها، وإن كان ماشيًا كيف أراد، وهذا محكِيٌّ عن مذهب الثوريِّ، وقولِ أنس - رضي الله عنه -، والمشهورُ عند المالكية: أن المشاةَ يتقدَّمون، على ما نَقلَ بعضُهم (٣).

والذين اختاروا المشيَ خلفَها يحتجُّون بظاهر الحديث، بناءً على حمل الاتِّباعِ على [الاتِّباعِ] (٤) الحسيِّ في المكان، والمُختارون للتقديم حَمَلُوْه على الاتِّباع المعنويِّ، فإن كان مجازًا فيه وجب أن يكون الدليلُ الدالُّ على استحباب التقدُّم راجحًا على العمل بظاهر الاتباع وحقيقتِهِ، وإذا كان كذلك كان دليلًا عاضدًا للتأويل.


(١) انظر: "الأم" للإمام الشافعي (١/ ٢٧١)، و"المجموع شرح المهذب" للنووي (٥/ ٢٣٣).
قلت: وهذا مذهب الحنابلة كما في "شرح المقنع" لابن أبي عمر (٢/ ٣٦١)، و"الفروع" لابن مفلح. (٢/ ٢٠٤).
(٢) انظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (١/ ٣٠٩).
(٣) انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (١٢/ ٩٤)، و"مواهب الجليل" للحطاب (٢/ ٢٢٧).
(٤) سقط من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>