للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال جمهورُهُم: إنَّ إراقتَهُ لا تجبُ، وإنَّما تُسْتَحَبُّ، والانتفاعُ به من وجهٍ مخصوصٍ لا يَحْرُمُ؛ لأنَّها نجاسةٌ طرأت علَى عينٍ طاهرة، فلم تكنِ المنفعةُ بها مُحرمةً كالميتةِ، ويكون قوله: "فَأَرِيقُوهُ" ليُتَوَصَّلَ بالإراقةِ إلَى غسله، لا لوجوب استهلاكِهِ، قالَ (١): وهذا أصحُّ (٢).

وهذا الَّذِي قاله حملٌ للإراقة علَى الاستهلاكِ وعدمِ الانتفاع، وليسَ ذلك بلازمٍ من لفظِ الإراقة؛ فإنَّها لا يلازمُهَا الإتلافُ وامتناعُ الانتفاعِ؛ لجوازِ أنْ يراقَ ويبقَى بحيثُ (٣) يمكنُ الانتفاعُ به.

السادسة والسبعون: إذا ثبتَ أنَّ الإراقةَ تدلُّ علَى الإتلافِ والاستهلاك، فيُؤخَذُ مِنهُ: أنَّهُ لا يجوزُ غسلُهُ بالماءِ المولوغ [فيه] (٤)؛ لأنَّ كلمةَ (ثُمَّ) في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فَلْيُرِقْهُ، ثُمَّ لِيَغْسِلْهُ سَبع مَرَّاتٍ" تقتضي تَرَتُّبَ سبعٍ علَى الإراقةِ، فلو جازَ غسلُهُ بالمولوغِ فيهِ، لأمكنَ أن يغسلَ مرَّة [به] (٥) قبل الإراقة، يَحتسِبُ بها، فلا يجبُ غسلُهُ سبعًا بعد الإراقة، وهو خلافُ النَّصِّ.


(١) أي: المَاوَردِيُّ.
(٢) انظر: "الحاوي" للماوردي (١/ ٣٠٦).
(٣) "ت": "حيث".
(٤) زيادة من "ت".
(٥) سقط من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>