إلا أن هذا المانعَ ضعيفٌ يحتاج إلى دليل شرعي يدل على اعتباره بعد قيام المقتضي للتنجيس.
والذي يُستدلُّ به على هذا من نهيه عليه السلام عن إضاعة المال (١)، يردُّ عليه منعُ كونه مالًا بعد قيام الدليل على نجاسته.
فلو قوِيَ هذا المانعُ كان ذلك عذرًا آخرَ عن أكل النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - طعامَ اليهوديَّةِ، غير ما ذكرناه متقدمًا.
السابعة عشرة: أمر عليه السلام بغسل الآنية، والأكل فيها بعد غسلها، وهذا مطلقٌ يكفي في امتثال الأمر به غسلةٌ واحدة، فيدل على جواز الاكتفاء في فضل العامة بغسلة واحدة.
الثامنة عشرة: يمكن أن يستدلَّ به على الاكتفاء بغسلة واحدة في نجاسة الخنزير؛ لأنه قد ذكر في الحديث: أنهم يطبخون في قدورهم الخنزير، فهذا الأمر إما أن يكون على سبيل الوجوب، أو على سبيل الاحتياط والندب، وأيًّا ما كان، فلا بدَّ أن تفيدَ فائدةً في التطهير، وإلا كان الإناءُ باقيًا على ما كان عليه قبل الغسل، فإذا اكتفى بالمرة الواحدة في تحصيل المقصود، إما بإزالة النجاسة بالتطهير، أو بحصول مقصود الاحتياط بالتطهير، دلَّ على ما ذكرناه.
التاسعة عشرة: فيه دليل على جواز الصيد في الجملة، مع تظافر الأدلة من الكتاب والأحاديث والإجماع.